رياض الزهراء العدد 180 لحياة أفضل
مِشكَاةُ المُجتَمَعِ
المرأة بذرة الأساس في المجتمع، ترتكز عليها الكثير من الأمور الحياتية في وقتنا الحاضر وفيما مضى، أمّا ثمارها فلا بدّ من تعزيز الحماية والبيئة السليمة لتكون ثمارًا سليمةً ذات تأثير إيجابي في الحياة. وتحتاج النُظم الديمقراطية إلى مجتمعات متعلّمة خالية من التمييز البشري، لذا يتوجّب أن تكون عمليات المشاركة في بناء البلدان معتمدة على الخبرة والكفاءة لا على جنس العامل تحسّبًا لقواه الجسدية وانشغالاته، بل تحسّبًا لقواه الفكرية وسرعة تلافيه المشاكل وحلّها في مدّة قياسية. ودائمًا ما نجد نتاج المرأة بالشكل المثالي والأفضل، وبصمتها في الحياة مختلفة ومميّزة أكثر ممّا نتصوّر؛ لكونها تعمل بحبّ وتسعى إلى العمل بطريقة تمزج بين العاطفة والمنطق مراعية مشاعر الآخرين في القرارات التي تتّخذها وبوسائل تُرضي جميع الأطراف، على الرغم من قسوة الظروف التي تمرّ بها المرأة في بعض المواقف. وقد سعى الإسلام للارتقاء بها ومساندتها نفسيًا وحياتيًا؛ لتطلق مهاراتها وإبداعاتها للعالم على وفق خطّة مناسبة لها، تعمل على حمايتها من كلّ المعوّقات والأساليب التي تحدّ من قوتها وشغفها، مثلما قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل: 97). ووُضِعت قوانين ثابتة في المجتمع تساعدها على عدم التقصير في واجباتها، سواء المنزلية أو العملية، ونجد في الغالب أنّها تركّز على عدّة مهامّ وفي مجالات مختلفة، ومن أجل أن تساند نفسها وتبرز ذاتها فلا بدّ لها من السعي لوضع خطّة إستراتيجية شاملة تعتمد على رؤية ورسالة وأهداف واسعة من الممكن تحقيقها مع مراعاة إمكاناتها في الإنجاز، وكلّما زادت التحدّيات التي تواجهها زاد السعي والإصرار على تخطّيها، ويتطلّب ذلك تحرّكًا ديناميكيًا لتطوير الإدارة لديها ومساعدتها في معالجة الإشكالات بكفاءة عالية وفعّالة، وتطوّر ثقافة الإنتاج والتنمية، وأخلاقيات قيم العمل وبمدّة قياسية، ولكن يجب التأكيد على ضرورة الالتزام بكلّ ما سبق؛ لكونها أهمّ الدعائم التي ترتكز عليها وتساعدها في التحسّن المستمرّ، إذ إنّها كائن لا يقف عند حدّ، وهذا التحسين يجعل منها مؤسّسة مؤهّلة للبقاء والصمود والارتفاع بسقف الطموح، حتى وصولها إلى الأهداف المرغوبة. وبالانتقال إلى دور المجتمع، فعليه ترك مساحة خاصّة لها للمشاركة، وإطلاق العنان لمكنوناتها وتفويض الصلاحيات لها؛ لتتمكّن من التدريب على إدارة صحيحة، فالمجتمع جلّ اهتمامه الحصول على النتيجة، متناسيًا إدارة الجودة التي تساعد كثيرًا على التعويض المالي، وزيادته عن طريق انسجام النساء مع مبدأ الارتقاء والتطوير المستمرّ الذي يكون عن طريق توظيف ملاكات نسوية، وتدريبها واستثمار طاقاتها فيما يحقّق أكبر إشباع للحاجات العامّة، قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئكَ سَيَرْحَمُهُمُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)، قد أكّد الإسلام على المساواة بين الرجل والمرأة، ورحمته لهما بالتساوي، ومن حيث الأمر والنهي، وإقامة الصلاة، ودفع الزكاة والطاعة لله عزّ وجلّ ولرسوله (صلّى الله عليه وآله)، لذا يتوجّب على المجتمع مساندة المرأة والأخذ بيدها، وهي بدورها يجب أن تلتزم بما فرض الله عليها.