الإِمَامُ زَينُ العَابِدين (عليه السلام) السِّرَاجُ المُنِير
مع إطلالة شهر الفضائل وأرزاق شهر التقى والضياء ذاك هو شهر شعبان نراه قد ازداد تألقاً، وأخذ نوره يملأ الخافقين ليلوح في الكون, يشهد بزوغ نجم في سماء الوجود بين أكفّ الإمامة الخالدة لأبيه أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وأمه شاه زنان لتعلن به رمز الحقيقة المحمدية بل تقر به عيون المؤمنين المخلصين بإيمانهم وولائهم، ونحن إذ نطوف في أروقة العصر الفياض للإمام (عليه السلام) لو أمعنا النظر لاستوقفتنا تلك الظروف المريرة التي عاشها الإمام زين العابدين (عليه السلام), ولوعزمنا الإبحار بأشرعة ولائنا لهذا الإمام المعطاء لرسونا عند مرافئ الخشوع والخلق الرفيع فنستقر عند شاطئ النبل وأمواج الرفق الإلهي عن طريق منهج الإعتاق الذي تبناه الإمام (عليه السلام) والذي كان له أثر كبير لاستمرار الرسالة المحمدية الوجود والحسينية البقاء, إذ انتهج الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هذا النهج تزامناً مع أعداد الرقيق والعبيد التي تواردت ووفدت على البلاد الإسلامية أثر توالي الفتوحات الإسلامية التي شهدها في عصره, فقد استثمر تلك الظاهرة السائدة آنذاك لتذويب فكرة الطبقية التي ابتدعها الأمويون؛ لذلك كان يشتري الإماء والعبيد ولكن لا يبقي أحدهم أكثر من سنة واحدة فقط. والأمر الآخر إنه لم يكن يعاملهم معاملة الرقيق بل كان يحسن إليهم ويعزز فيهم الأخلاق الكريمة ويغرسها في نفوسهم، عارفاً أنهم موالون مخلصون قد أينع الإخلاص في نفوسهم وأثمرت محبة أهل البيت (عليهم السلام) لديهم ومن ثمّ كان الاقتداء بسيرتهم العطرة والتفقّه بعلومهم وثقافتهم الرصينة ليقوموا بنشرها إلى أرجاء المعمورة. المصدر: أعلام الهداية/ الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): ص104.