الوَجهُ الآخَرُ

سرور عبد الكريم المحمّداويّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 207

يختبئ في زاويته المعتمة مرتديًا قناعًا آخر، لا يريد أن يراه أحد! متّخذًا مملكته على كرسي شاشة ضوئية، وأزرار بلمساتٍ مظلمة لتزيح نور البهجة في النفوس . يزاول أعمالًا حبًّا لنفسه العدوانية التي تحاول أن تنتشي وتعيش عالمًا آخر ملؤه الـ(أنا)، أنا فقط، وغيري لا شيء!! ذلك الإنسان الغريب يُدعى (المتنمِّر)، والتنمّر هو أحد أساليب الضعف النفسي التي تسيطر على المصابين بضعف الشخصية وقلّة الوازع الإنساني الأخلاقي، وبسبب أوقات الفراغ المملوءة بالوحدة وغياب الهدف الحقيقي للحياة الذي أدّى إلى تغيير سلوكيات بعض الأشخاص، وجعلهم يصدرون أحكامًا قاسية على غيرهم، فجاء الاسم ليدلّ على صاحبه الذي يخلع صفته الإنسانية، ويستخدم كلمات جارحة وأسلوبًا عنيفًا ليستضعف الآخر الذي إمّا أن يكون أخاه في الدين أو نظيره في الخَلق. تعدّدت أوجه التنمّر الإلكتروني، فهناك مَن يخبّئ وجهه ويُظهر آخر عن طريق ابتزاز أشخاص عبر صورهم أو أسرارهم، أو عن طريق انتحال الشخصية لشخصيات معروفة، وتغيير الكلام الحقيقي الذي تفصح عنه، أو سرقة حسابات خاصّة لأشخاص معينين سبق معرفتهم وكشف أسرارهم، أو نشر صور أو كلام بذيء، أو تركيب مقاطع فيديو أو صور على صورهم ونشرها على صفحاتهم، أو نشر مواقف مضحكة لشخصيات معروفة لتعزيز مشاهدة قنواتهم الخاصّة، ممّا يجلب للمتنمَّر عليه الهمّ والحزن، فينتهي أمره إلى الكآبة أو الحالة النفسية غير المستقرّة، وقد يصل به الأمر إلى الانتحار أحيانًا . وأفضل علاج هو مواجهة المتنمِّر وكشف ما يسعى إليه عن طريق المواقع، والإبلاغ عنه لدى الجهات المعنيّة، والمحافظة على رمز الأمان لدى الأشخاص الذين يتواصلون على المواقع الاجتماعية، والتقليل من كشف الأسرار فيها حتى لا يكونوا لقمةً سائغة لصغيري العقول وقليلي التهذيب الأخلاقي.