السَّفِيرُ الثَّالِث
السفارة العامة هي منصب رفيع ظهر إبّان الغيبة الصغرى للإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ولم يصل إلى رتبة السفارة إلّا أربعة أشخاص وهم: عثمان العمري، ومحمد العمري، والحسين بن روح، وعلي السمري رضي الله عنهم، فالسفارة عن الإمام المعصوم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) تشكّل حدثاً تاريخياً تنظيمياً مهماً في مسألة اتصال الإمام المفترض الطاعة بقواعده الشعبية وتبليغ أوامره وممارسة بعض مهامه نيابة عنه، ومن هنا سوف نعرض جانباً من جوانب حياة السفير الثالث الحسين بن روح (رضي الله عنه). كان الحسين بن روح في عهد السفير الثاني محمد بن عثمان متولياً لبعض الأمور من قبله, فقد كان للسفير الثاني أصحاب ثقات يعتمد عليهم في أمور السفارة بين الناس ومنهم الحسين بن روح, وفي رواية إنه (رضي الله عنه) جمع وجوه الشيعة وشيوخها فقال لهم: (إن حدث علي حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي فقد أمرت أن أجعله في موضعي بعدي فارجعوا إليه وعولوا في أموركم عليه), وورد توقيع الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بحقه في قوله: "نعرفه عرّفه الله الخير كلّه ورضوانه وأسعده الله بالتوفيق, وقفنا على كتابه وهو ثقتنا بما هو عليه, وإنه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه, زاد الله في إحسانه إليه, إنه ولي قدير, والحمد لله لا شريك له, وصلى الله على رسوله وسلم تسليماً كثيراً"(1) وذُكر في صفاته (رضي الله عنه) أنه كان شديد التقية في بغداد, وكان يحسن السلوك مع المخالفين من المذاهب الأربعة بحيث نسبه أرباب كلّ مذهب إليهم, فكانوا يفتخرون بأنه منهم, وبهذه السياسة استطاع حفظ المذهب وإيصال أوامر الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى رعيته من دون أن يجذب إليه أنظار السلطات الظالمة. وقد تُوفي في (12) من شهر شعبان سنة 326هـ، وجعل مكانه الشيخ أبا الحسن علي بن محمد السمري بأمر من مولانا الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف). .......................... (1) الغيبة للشيخ الطوسي: ص227.