رياض الزهراء العدد 182 ركائز الإيمان
"مَعَ الْعَجَلِ يَكْثُرُ الزَّلَلُ"
تمّ التطرق سابقًا إلى مساوئ العجلة، وذكر بعض الآثار السلبية لها. بشرى: أذكر لكِ أثرًا سلبيًا آخر، وهو الوقوع في الأخطاء، فعن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال: "مَعَ العَجَلِ يَكْثُرُ الزَّلَلُ"(1). آمنة: هل المقصود العجلة في الروابط الاجتماعية؟ إذ نرى الكثير من الروابط والعلاقات انتهت بالفشل. بشرى: أجل، دعيني أركّز على العجلة في العلاقات الاجتماعية، وفي الروابط والأواصر وصلًا وقطعًا؛ أي العجلة في شبك العلاقات أو قطعها، ومساوئها وأضرارها، فمن الملاحظ أنّ الإسلام اهتمّ بالعلاقات الاجتماعية والروابط مثل الصداقة والجيرة والرفقة، فهذه علاقات اجتماعية للإسلام فيها نظرية متكاملة. آمنة: هل يمكن أن تُترك علاقات كهذه للصدفة والعفوية والقرارات المتسرّعة؟ بشرى: مثلما قلتُ: الإسلام خطّط لها ورسم ضوابط، وستجدين أنّه لا يمكن مراعاة هذه الضوابط في ظلّ العجلة والتسرّع، بل يُمكن مراعاتها في ظلّ التريّث والتأنّي، فقد رُوي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في الصداقة مثلًا قوله: "المَرءُ على دِينِ خَلِيلِهِ، فَليَنظُر أحَدُكُم مَن يُخالِلُ"(2)، فلينظر تعني يدرس الأمر، ويوزن ذاك الإنسان، هل هو مناسب للصداقة أم لا. والجيرة أيضًا لا ينبغي أن تكون بتسرّع، مع أنّ هناك جدارًا فاصلًا بين الجارينِ، فالجار لا يعيش مع جاره تحت سقف واحد، مع ذلك ينبغي أن يتريّث المرء وينتخب الجار الصالح، فلا يشغله الموقع والبيت عن الاهتمام بالجار وأخلاقه، فقد جاء رجل إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقال: يا رسول الله، إنّي أردتُ شراء دار، أين تأمرني أشتري، في جُهَيْنَةَ، أم في مُزَيْنَةَ، أم في ثَقيف، أم في قُريش؟ فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "الجوارُ ثُمَّ الدّارُ..."(3)، فإذا كان الجار سيّئًا، أذاق جاره الويل وسلب راحته. آمنة: وماذا عن رفقة السفر؟ فقد واجهتني مصاعب ومشاكل من بعضهنّ! بشرى: فلأنّكِ عجولة فمن البديهي أن تواجهي ذلك، فربّ شخص سبب انتكاسته في الحياة رفقة سيّئة في سفر انحدر به إلى الهاوية؛ وربّ رفقة سفر أيقظت الإنسان، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "... سَلْ عَنِ الرفِيقِ قَبْلَ الطرِيقِ، وعَنِ الجَارِ قَبْلَ الدارِ..."(4)، وعنه (عليه السلام): "التأنّي في الفعل يُؤمن الخطل، التروّي في القول يُؤمن الزلل"(5). لذا فالإسلام يؤكّد على التأنّي والتريّث وقايةً. يتبع... ....................................................... (1) غرر الحكم ودرر الكلم: ص703. (2) الأمالي للشيخ الطوسي: ص 548. (3) ميزان الحكمة: ج 2، ص 398. (4) الكافي: ج 8، ص48. (5) ميزان الحكمة: ج 7، ص 81.