الخَمسَةُ وصِيَاغَةُ المُهَجِ

نادية حمادة الشمري
عدد المشاهدات : 177

(الْبَنُونَ)(الكهف:46) نعمة يجب الحفاظ عليها عن طريق تربيتهم وتنشئتهم على ما يحب الله عز وجل ويرضى ؛لينعموا بسعادة دنيوية وأخروية ؛ لأن كلّ عبد يوم القيامة هو مسؤول عن النعم الإلهية التي وهبها الله (عز وجل) له. وقف الإمام الحسين (عليه السلام) على قواعد بيت لزوجه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي التي كانت تنتمي إلى بيت شرف ومنعة؛ لأن جدها عروة أحد العظيمين اللذين قالت قريشٌ فيهما: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)/ (الزخرف:31), ولليلى اجتماع في النسب مع المختار الثقفي. ليقف البيت السعيد على أعتاب ليلة الحادي عشر من شهر شعبان لسنة ثلاث وثلاثين للهجرة منتظراً صنواً من شجرة (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)/ (القلم:4) التي أصلها ثابت وفرعها عانق السماء بـ : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"(1)؛ لتكون ضرباً من ضروب التربية والأخلاق الحميدة. (مرآة الخلق والأخلاق) كان علي الأكبر مرآة لكماله الأسمى ومنطقه (صلى الله عليه وآله) البليغ الرائع حتى إن مَن أشتاق إلى رؤية المصطفى (صلى الله عليه وآله) عطف بنظره إليه, ولمن أراد سماع ذلك الصوت المبهج الذي ترك نغمات داود خاضعة للطفه أصغى إلى كلامه, ومن أراد تجديد العهد بصفات حبيب الله (عز وجل) توجه بكلّه إلية. (علوي الشعاع) شابه الأكبر الإمام علياً بالجلال, وأنه كان يزأر في ميدان الحرب كما زأر جده الوصي بوجه القوم كالموت الزُؤام الذي ينشب أظفاره، والصواعق تتراءى في بريق سيفه, مشابهاً في قوة الإيمان وشدة اليقين, ومؤطراً حياته بكنية الوصي أبي الحسن (عليه السلام). (كوكبٌ زَهَرَ في سماء الزهراء (عليها السلام)) كان الإخلاص في التضحية والتسليم للفداء دون إمام زمانه لم يثنِ من عزيمته شيئاً كما فعلت السيدة الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مدافعةً عن إمام زمانها الإمام علي (عليه السلام), وفي هذا بيان الفضل الذي يبذله الإنسان في النهضة الإلهية؛ لإنقاذ البشر ولهداية الأجيال من بعده. (منهل الكرم) صاغ الإمام الحسن (عليه السلام) قلادة الكرم لابن أخيه الأكبر, مزدانةً بالبهاء, فبرز كأنه شمسٌ بزغت لإمامها في الأفق. (يستقي المجد) الولد لمعة من لمعات أبيه مما تكنّه الجوانح وتنطوي علية الأضلاع, فهو مظهر من مظاهر الطباع والصفات وضروب الفضائل كونه عضواً من أعضاء تربته المُمَرَّنة على الطبيعة, المتنقلة منه إليه فكان الأكبر شاكراً لوالديه بشكره لله (عز وجل) ممتثلاً لقول الله (عز وجل): (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)/ (لقمان:14) مشابهاً أباه في غايته, يستسقي من الرضا بالقضاء والقدر, وما كانت تحويه تلك الثنايا والعقبات من المنذرات بتخاذل القوم واستئصال شأفة رسول (صلى الله عليه وآله). وتمرّ الأيام سريعةً ليكتشف أنّ هذا الشاب الذي لا يفارق أباه في سيره إنما يخطو بخطواته على بعد مسافات قصيرة راكبٌ الجهاد بنفس مطمئنة؛ لتكتمل الشخصية في مواقف كربلاء. ....................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص108.