مَسِيرَةُ حَياةٍ تُحَدِّدُها أيَّامٌ مَعدُودَاتٌ

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 172

قال الله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)، الزواج هو ذلك العقد المقدّس الذي جعله الله تعالى نعمة من نعمه للبشرية جمعاء، ومن مراحله المهمّة في العصر الحديث، مرحلة الخطوبة التي تحدّد نوع الحياة المستقبلية بسعادتها وشقائها، اعتمادًا على نضج كلّ من الشريكين وثقافته ووعيه. إنّ مرحلة الخطوبة سلاح ذو حدّين، فإمّا أن تكون أحد أهمّ أسباب السعادة الزوجية أو دمارها، إذ تساعد على تعارف الأسرتين على بعضهما البعض، وتوطيد علاقات القرابة بينهما؛ ليصبحا أسرة واحدة، مثلما أنّه في أثناء مرحلة الخطوبة سيتعرّف كلّ شريك على عادات أسرة شريكه وأسلوب حياتهم، ويتسنّى لكلّ طرف مناقشة بعض الأمور المستقبلية، وكلّ ما يسهم في نجاح الحياة الزوجية. مجلة رياض الزهراء (عليها السلام): برأيكم، ما أهمّ النصائح التي يجب أن تُقدّم لشبابنا اليوم في مرحلة الخطوبة؟ غيداء وهب العنزي/ ربّة بيت: يجب أن تكون نيّة الطرفين صادقة لوجه الله ببناء أسرة رصينة أساسها الإسلام، وأن يكون الصدق أساس كلّ العبارات المنمّقة التي يختارونها لبعضهما، وإدراك حقيقة الزواج بأن تكون حياة بدايتها الصدق ونهايتها الاحترام، وهذا الأساس يبني أسرة صالحة، ويُعدّ أبناء صالحين في المجتمع، وآباءً وأمّهات ناجحين للمستقبل. أمّ سجّاد/ ربّة بيت: إنّ أول هدف في حياة الطرفين هو الصدق والأمانة والاحترام، وعدم السماح لأيّ شخص في أن يتدخّل في حياتهما، وأهمّية احترام كلّ طرف لقرار الآخر مع استخدام الحوار عند حصول اختلاف في الرأي، وتقدير الوضع في بداية الزواج؛ لأنّ الحياة الزوجية تختلف اختلافًا مطلقًا عن الحياة السابقة. بشرى حسين الأصفر/ ربّة بيت: الصدق والصراحة هما أساس الحياة الزوجية السعيدة لكلا الطرفين، لذا على المرأة والرجل أن يتصرّفا على سجيّتهما بدون تصنّع، حتى لا يطمع أحدهما بحياة مثالية بعيدة عن الواقع، وبعد الزواج والاستمرار والتعرّض لضغوط الحياة وإنجاب الأطفال، يكتشف الزوجان أنّ الحياة التي عاشاها في أثناء الخطوبة تختلف اختلافًا جذريًا عن الواقع، ويتبادر إلى الذهن أنّ الشريك كان يمثّل ويكذب، بينما هي مجرّد مرحلة لم يجرؤ كلّ منهما فيها على التصرّف مثلما ينبغي بحيث لا يقعان في شِراك التصنّع المفرط. هناء عبّاس الحلّي/ ربّة بيت: أول خطوة للزواج هو أن يختار الرجل فتاة من عائلة تتوافق وعائلته، ذات خُلُق ودين وورع؛ لأنّ اختيار الأمّ هو تأسيس لأفراد فاعلين في المجتمع، وأسرة سعيدة مبنيّة على الصدق والاحترام، فيورّثان ذلك الأبناء، وهم بدورهم مشاريع أسرية مستقبلية، ويعتمد تأسيس الأسرة على الأب والأمّ، فما دام كلّ منهما يحترم الآخر فحتمًا سيكون الأولاد انعكاسًا لشخصيتهما. ولا ينبغي إغفال أهمّية الاحتفاظ بالخصوصية، وعدم إشراك أحد عبر التدخّل في حياتهما وقراراتهما المستقبلية، ولا بدّ من وجود روح التعاون بين الطرفين، وتحمّل كلّ منهما في السرّاء والضرّاء. أمل لطيف الحسيناوي/ دبلوم تقني: مرحلة الخطوبة من أهمّ المراحل التي يمرّ بها الشريكان، ففيها حرّية الاستمرار أو إنهاء كلّ شيء من قبل أن تبدأ الحياة المشتركة، شريطة أن لا يخدع الشريكان بعضهما بعدم إظهار حقيقة شخصيتهما، أو تطلّعاتهما وآمالهما وطريقة عيشهما المستقبلي، ويبقى أساس ذلك حفظ حدود الله في بعضهما البعض وتطبيق أحكامه، ومَن يراعي الأحكام الإلهية ويسعى إلى تطبيقها فلا خوف عليه، وهذا الأمر يُدرس بطريقة ذكية من قِبل الشريكين، ولا ينبغي أن ينصرف التركيز على الأمور الكمالية والنزهات وغيرها من خطط في مرحلة الخطوبة التي لا تتخطّى حدود المتعة الآنيّة، والنزهات والهدايا، فهي أمور لا تدوم، إنمّا لمدّة محدّدة وتنتهي بانتهائها، وعند الاستيقاظ من غفلة مرحلة الخطوبة يكتشف الفرد أنّه يعيش مع إنسان آخر لم يكن نفسه الذي اعتاد عليه في تلك المرحلة، لذا برأيي يجب أن يركّز الإنسان على جوهر الحياة ولا ينخدع بزبرج الخطوبة. أمّ فاطمة/ ربّة بيت: جميل أن تكون بداية مشروع الزواج المبارك الذي هو تحفة الألطاف الإلهية مراعاة كلّ من الطرفين للآخر، والتعاون منذ البداية على تذليل صعوبات الحياة، وقد ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "من بركة المرأة قلّة مهرها"(1)، فعُدّ المهر من أكثر صعوبات الزواج، مضافًا إلى الطلبات التي تتّجه إلى الكمالية منها إلى أساسيات العيش الكريم، ثم نقمة التقليد الذي أصبح شعار العصر، فالقاعات الفاخرة والطعام الغالي والفساتين الباهظة الثمن وغيرها، كلّها من المظاهر الخدّاعة التي تنتهي مع خروج الضيوف، وتُحال الحياة إلى جحيم عند التركيز على هذه الأمور، وتجاهل أسس استمرار الحياة الزوجية السعيدة وضروراتها. ختامًا نستشفّ من حديث تلك الثلّة المباركة أنّ الزواج رباط مقدّس، أولته الشريعة اهتمامًا بالغًا لكونه أصل تكوين المجتمع ونواته، فلاختيار المرأة واختيار الرجل وُضِعت عدد من القوانين والأسس، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "إذا جاءكم مَن ترضون خُلُقه ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"(2)، لم يذكر (صلّى الله عليه وآله) الأموال والأطيان، بل أكّد على ضرورة امتلاك الخُلُق والدين، فهما أساس استمرار الحياة الزوجية، وقال (صلّى الله عليه وآله) في النساء: "أفضل نساء أمّتي أصبحهنَّ وجهًا وأقلّهنَّ مهرًا"(3). ..................................... (1) وسائل الشيعة: ج20، ص109- 128. (2) المصدر السابق: ج20، ص69- 89. (3) صفات الزوج والزوجة من منظور إسلامي: ص87.