بُطْءُ التَّعَلُّمِ

نادية محمد شلاش/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 161

تستبشر الأسرة بالمولود الجديد وتعمّ الفرحة، ويصاحب ذلك الفرح الأمنيات بمستقبل مشرق وتفوّق في مجالات الحياة العلمية والعملية، وأن يمتّع الله الوليد بعافية وذكاء وشأن كبير وتميّز بين أقرانه، لكن سرعان ما تتلاشى تلك الأحلام والأمنيات، وتفنّد التوقّعات ويُفاجأ الوالدان بأنّ طفلهم يعاني من بطء في التعلّم، ممّا يؤدّي إلى تأخّره دراسيًا ومجتمعيًا. ويكتشف الآباء ذلك عن طريق سلوك الطفل، مثل الحركة المفرطة وعدم التركيز، بحيث إذا كرّروا عليه الأمر نفسه فلا يفهمه بسرعة ولا يستوعبه، ويصاحب ذلك شرود ذهني وتأخّر دراسي، وبطء الاستيعاب، وتشتّت الانتباه مع العناد والعصبية، وحركات لا إرادية كتشابك اليدين أو قضم الأظافر، أو الإصرار على الاحتفاظ بأشياء قد تضرّه. ويؤدّي التعليم والمعلّم دورًا أساسيًا في تفاقم الحالة أو علاجها. ويرى الاختصاصيّون أنّ من الأسباب الأساسية التي تؤثّر في هؤلاء الأطفال هو التعامل السيّئ من قِبل المعلّمين أو الملاك التدريسي، وطريقة تعاملهم مع الطفل مثل الضغط عليه، أو نعته بالكسل والغباء، والإهمال والتقاعس في أداء واجباته المدرسية بحسب ما يُطلب منه، أو تفضيل الآخرين عليه، ممّا يترك أثرًا في نفسه، فيصبح فريسةً للتنمّر والاستهزاء، وبعكس ذلك تتحسّن حالته إذا وجد الاهتمام والتشجيع والاحتواء، فهناك الكثير ممّن نجح في حياته العلمية، ووصل إلى مراحل متقدّمة في الدراسة على الرغم من صعوبة تعلّمه، وذلك بدعم من الملاك التدريسي والأهل. أنتِ لا تستطيعين أن تدخلي إلى عقل ابنكِ، لكن تستطيعين كسب ودّه فيفتح لكِ قلبه، وفي حالة كهذه يحتاج الطفل إلى العاطفة والحنان والتشجيع والاحتواء؛ لأنّه مهما كبر بالعمر، فلا يزال طفل صغير بداخله يسير ببطء، ويخشى العالم الخارجي وتنمّره ضدّه، ومعاملته على أنّه فرد ينقصه الكثير. بطء التعلّم ليس بذلك المرض الخطير الذي لا يُعالج، بل على العكس قد يبدع بعضهم، ويصبح له شأن في الأسرة والمجتمع، فقط يجب الأخذ بيدهم إلى برّ الأمان.