رياض الزهراء العدد 182 عطر المجالس
"فَتَفَقُّهٌ فِي دِينٍ"(1)
التفقّه في الدين من الدعائم الأساسية لبناء المجتمع وصيانته من التصدّع، وحماية أفراده من الانحراف والابتذال، فالتفقّه يجعل الفرد عالمًا بما عليه من واجبات وحقوق تجاه خالقه ومجتمعه نفسه وفق ما شرّعه العليم الخبير، وهذا التشريع الدقيق المنظّم يؤدّي إلى سعادته في الدنيا والآخرة؛ لذلك أكّد أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) على التفقّه، ولعلّ ما يوضّح أهمّيته قول النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله): "إنّ لكلّ شيء دِعامة، ودِعامة هذا الدين الفقه"(2). تحلّقنَ مثل إكليل الورد الذي يفوح منه شذا حبّ النبيّ الأكرم وآله (صلوات عليهم أجمعين). - أمّ حسين: يحضرني الآن، عندما كنتُ في المشهد الطاهر للإمامين الكاظمين (عليهما السلام) برفقة جدّي ـ رحمه الله ـ نبّهني على مسألة كنتُ في غفلة عنها، ثم أورد حديثًا عن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وهو يمسك يدي بيديه الدافئتين: "إذا أراد الله بعبد خيرًا فقّهه في الدين"(3). - أمّ عليّ: أجل، المتفقّه يعرف ما عليه من واجبات. - أمّ جعفر: التفقّه في الدين ومعرفة الأحكام الشرعية يُعدّ ضروريًا لصحّة العبادة التي هي حلقة الوصل بين الإنسان وربّه. - أمّ زهراء: وربّما تعرّف المتفقّه على علل بعض التشريعات، فتُفتح بصيرته لحكمة المشرّع الحكيم الخبير سبحانه وتعالى. - أمّ حسين: هذا ما يشير إليه الإمام الكاظم (عليه السلام): "تفقّهوا في دين الله، فإنّ الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة، والرُتب الجليلة في الدين والدنيا"(4). - أمّ عليّ: ما أجمل قول الإمام الجواد (عليه السلام) ونحن في ذكرى شهادته في الآخر من شهر ذي القعدة: "التفقّه ثمن لكلّ غالٍ، وسلّم إلى كلّ عالٍ"(5). - أمّ جواد: جواد الأئمة ـ روحي فداه ـ نهض بأعباء الإمامة وهو في السابعة، وكان مثل آبائه الأبرار حجّة الله على الخلق، هاديًا مرشدًا، مبيّنًا لأحكام الشريعة، متصدّيًا للمضلّين ومثيري الشبهات والبِدَع. ـ أمّ عليّ: وعلى الرغم من مدّة حياته القصيرة التي لم تتجاوز الخمسة والعشرين عامًا، حيث مضى مسمومًا شهيدًا وهو في ريعان الشباب وقمّة العطاء، إلّا أنّه قام بأعباء الإمامة كاملةً، ولنا أسوة حسنة في سيرته مع أصحاب الأفكار الضالّة، وكيف ردّ عليهم بالحجّة البالغة. أمّ جعفر: أن نتفقّه في الدين يعني أن نحمل روح الشريعة، وأن نكون زينًا لأئمتنا (عليهم السلام) مثلما أرادوا لنا أن نكون إن شاء الله تعالى. .......................................... (1) ميزان الحكمة: ج8، ص114. (2) المصدر السابق نفسه. (3) ميزان الحكمة: ج ١، ص ٨٤٢. (4) المصدر السابق: ج ٣، ص ٢٤٥٤. (5) بحار الأنوار: ج ١، ص ٢١٨.