وَعَفِّرْ خَدَّيْكَ فِي طُوسٍ
استبشر الكون، وتنزّلت الملائكة صفًّا صفًّا؛ لتتبرّك وتتقرّب إلى الله بيُمنه، فقد وُلِد مَن رَضِي به المخالفون من أعدائه مثلما رَضِي به المؤالفون من أوليائه، وُلِد مَن كان رضىً لله (عزّ وجلّ) في سمائه، ورضىً لرسوله والأئمّة من بعده (عليهم السلام). فعن أبي نصر البزنطي قال: قلتُ لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام: إنّ قومًا من مخالفيكم يزعمون أنّ أباكَ صلوات الله عليه إنّما سمّاه المأمون الرضا لما رضيه لولاية عهده، فقال، كذبوا والله وفجروا، بل الله تعالى سمّاه الرضا لأنّه كان عليه السلام رضى الله تعالى ذكره في سمائه، ورضىً لرسوله والأئمة بعده عليهم السلام في أرضه، قال: فقلتُ له ألم يكن كلّ واحد من آبائكَ الماضين عليهم السلام رضى الله تعالى ولرسوله والأئمة بعده؟ فقال بلى، فقلتُ له فلِمَ سمّى أباكَ عليه السلام من بينهم الرضا؟ قال لأنّه رضي به المخالفون من أعدائه، كما رضي به الموافقون من أوليائه، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه عليهم السلام، فلذلك سُمّي من بينهم الرضا عليه السلام"(1). هو النور الذي يهتدي به المهتدون، والوليّ المرشد الذي يفزع الخلق إليه. بيّن (عليه السلام) كيف باستطاعة الإنسان أن يكون صاحب كلمة عن طريق عقيدته ومواقفه، وتصدّى (عليه السلام) للزنادقة وأصحاب العقائد الفاسدة، فهو الدليل إلى الله تعالى للسائرين في طريق التقوى والعبادة. وأشار الإمام الكاظم (عليه السلام) إلى قضيّة التمسّك بالإمام، والابتعاد عن الأفكار الباطلة التي كثرت في زمانه، فقد كثرت الفِرق المنحرفة، واشتدّت الحروب الفكرية والعقائدية، فكان (عليه السلام) يقول لبنيه: "هذا أخوكم عليّ بن موسى عالم آل محمّد، فاسألوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم"(2)، إذ ركّز على قضيّة التمسّك بالإمام من بعده، وأن يكون الإنسان على صِلة دائمة معه، فالخير كلّ الخير في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه، وهي بيوت أهل البيت (عليهم السلام). وُصِف إمامنا عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) بالإمام الرؤوف الذي يعانق زائره برأفته، وبمُعين الضعفاء والفقراء، وجميع الأئمة (عليهم السلام) اتّصفوا بهذه الصفات، واختصّ بلقب (أنيس النفوس)؛ لأنّه يعامل زائره بحرارة وحفاوة، ولم يَرِد في المصادر أن يجلس الزائر في أثناء زيارة أيٍّ من المعصومين (عليهم السلام)، إلّا في زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، حيث ذُكر أن يجلس الزائر جهة الرأس الشريف عند الزيارة. .................................... (1) علل الشرائع: ج ١، ص 237. (2) إعلام الورى بأعلام الهدى: ج ٢، ص ٦٤.