حَقِيقَةُ اليَقِينِ
مذ كنتُ طفلة وأنا أشعر بالعجز عن صياغة الكلمات، فهي تحتضر بين أضلعي، وتتجمّد أطراف أصابعي لنحت القلم، ويُصاب قلبي بالخفقان في تلوين أحرفي بألوان متباينة. وحين كنتُ أكبر كلّ يوم لأتفقّد ذاك اليقين بداخلي الذي يفوق قدراتي العقلية، قادني إلى ملامح مغبرّة بين المقصد وبين عدم القدرة على إيضاح مشاعري. كبرتُ عشرة أعوام منذ تعثّري بجمال الوجود، وحجم السماء الذي يدلّني على حقيقة اليقين بوجوده، فلا أزال أذكر معلّمة الصفّ الأول التي كانت تصرّ على تحفيظنا سورة الإخلاص التي تشهد بوحدانية الله (عزّ وجلّ)، حيث تلك الأدلّة التي تشير إلى الحقيقة الأجمل. كبرتُ عشرة أعوام أُخر، واستشعرتُ وجوده في لحظات فرحي وحزني، وفي زوايا سجّادتي الزرقاء التي ترشح بالدفء والسكينة. هناك لحظات قد يخذلني فيها قاموسي اللغوي عن التعبير، فأسرح في نوم عميق حيث تهمس في عقلي كلمات تتدفّق من ضمن التساؤلات الموجودة في جمجمتي المُتخمة بالفوضى، كلمات أُرهقتُ في تشييدها، واعتنيتُ في زخرفة جدرانها بآيات التوحيد، وسأحصل على التعويض الذي يليق بصبري ما دمتُ على يقين بأنّ المقادير تجري بحكمة إله مدبّر، لا يغفل عن عباده بمقدار طرفة عين، بل ولا أقلّ من ذلك.