﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(١)

سيّد محمّد الموسويّ
عدد المشاهدات : 192

الأخلاق جمع خُلُق: وهو الأدب والسلوك الراسخ في النفس بحيث يتمكّن الشخص الخلوق من الإتيان بالفعل الحَسَن، أو بالفعل السيّئ - لا سمح الله - من غير حاجة إلى فكر أو رويّة، فالخُلُق هو طبع وسجيّة، وفي العادة تجعل صاحبها ذا مَلَكة، والمَلَكة لا تنشأ من حالة طارئة، بل تحتاج إلى مِران واستمرار، فمكارم الأخلاق وجميل الصفات مَلَكات راسخة في النفس، وحينما وُصِف نبيّنا الكريم (صلّى الله عليه وآله) بالخلق العظيم، فإنّما كانت الصفات العالية راسخة في نفسه الشريفة من قبل أن يولد، وقبل بعثته المباركة اشتهر بالصادق الأمين (صلوات الله عليه)، وإذا ضممنا هذه المقدّمة إلى الحقيقة التي تتحدّث عن حشر الناس يوم القيامة على حسب مَلَكاتهم وصفاتهم، فسنجد مَن كان همّه بطنه وفَرْجه مثلًا، وكان مَلَكة فيه، حُشِر يوم القيامة على هيئة البهائم مثلما ورد في الروايات، ومَن كان همّه الحيلة والخداع وكان مَلَكة فيه، حُشِر يوم القيامة على هيئة الشياطين، ومَن كان همّه الاعتداء على الناس أتى يوم القيامة على هيئة السباع، ومَن كان همّه المدركات العقيلة من العلم والمعرفة والعبادة، وكان هذا مَلَكة فيه، حُشِر يوم القيامة على هيئة الملائكة، بل خير منها، لذا نجد من الضروري جدًا معرفة عيوب النفس وأحوالها، وما ترسّخ فيها من صفات محاولةً منّا لتهذيبها، وقد قال تعالى:﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ (الشمس: ٩-١٠)، وقال (صلّى الله عليه وآله): "يُحشر الناس على صُور نيّاتهم"(٢)، وعنه (صلّى الله عليه وآله): "يُحشر بعض الناس على صورة تحسن عندها القردة والخنازير"(٣). ............................... (١) القلم: ٤. (٢) ميزان الحكمة: ج ٤، ص ٣٤١٠. (٣) الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة: ج ٥، ص ٢٢٧.