قَتلُ ذَرَارِي قَتَلَةِ الحُسَينِ (عليه السلام) بفِعالِ آبائِها!
رُوِي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "إِذَا خَرَجَ القَائِمُ قَتَلَ ذَرَارِيَ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) بِفِعَالِ آبَائِهَا"(١)، لا غروَ في أن يكون الإمام (عليه السلام) الآخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام)؛ فهو وليّ دمه الشرعيّ، وقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ (الإسراء: ٣٣)، وهو الحاكم الشرعيّ الأعلى في الأرض، الذي يُقيم القصاص الفردي والجماعي على المُعتدين، وهو مُحقِّق العدل الإلهي التامّ الشامل في مشارق الأرض ومغاربها، ومن العدل الأخذ بثأر المقتولين، وإنصاف المظلومين، وهو الأولى برفع مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، وأبرزهم جدّه الإمام الحسين (عليه السلام). بيد أنّ هناك سؤالًا يتردّد على ألسنة بعض الموالين: ما ذنب ذراري قَتَلة الإمام الحسين (عليه السلام) ليُأخذ منهم الثأر؟! في المقام هناك عدّة أجوبة، نقتصر على أحدها رعايةً للاختصار، فعن الهرويّ قال: قلتُ لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في حديث رُوِي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائها؟ فقال (عليه السلام): هو كذلك، فقلتُ: وقول الله عزّ وجلّ ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ ما معناه؟ قال: صدق الله في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، ويفتخرون بها، ومَن رضي شيئًا كان كمَن أتاه، ولو أنّ رجلًا قُتِل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عزّ وجلّ شريك القاتل، وإنّما يقتلهم القائم (عليه السلام) إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم..."(٢). فرضا ذراري قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) بالجرائم المُروّعة، والمجازر المفجعة التي ارتكبها آباؤهم بحقّه (عليه السلام)، بل وتفاخرهم بها، هو جرم بحدّ ذاته يجعلهم شركاء آبائهم فيما اقترفوه. وفي الحقيقة اليوم نسمع بعضهم يصرّح جهرًا أن لو عاد الحسين وعادت كربلاء لخرجنا ضدّه وقتلناه!! وعليه، فلو لم يرتضِ هؤلاء الذراري بجرائم آبائهم في حقّ الإمام الحسين (عليه السلام) لما كانوا عرضةً لقتل الإمام المهديّ (عليه السلام)، ممّا يعني أنّ هناك أسرتينِ كبيرتينِ منذ أن خلق الله تعالى آدم حتى قيام الساعة، وهما: أسرة التوحيد يقودها الله (جلّ شأنه)، وأسرة الشرك يقودها (الطاغوت)، فقد قال (تعالى): ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ (البقرة: ٢٥٧)، فإن كان الدم هو مَن يجمع الأُسَر النَسَبية، فإنّ الرضا عن الأفعال هو مَن يجمع الأُسَر العَقَدية. ومن هنا حذارِ أن يتّكل أو يكتفي أحدنا بالانتساب إلى الأسرة الموالية نَسَبًا، وليتحرَّ في نفسه الانتساب العَقَدي إلى أسرة التوحيد. ............................ (١) بحار الأنوار: ج٤٥، ص٢٩٥. (٢) المصدر السابق نفسه.