المَجالِسُ الحُسَينِيَّةُ.. المُرَبِّي الأَمثَلُ لِلأَجيالِ

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 245

إنّ الحديث عن عاشوراء وما يرتبط بأهل بيت النبوّة (عليهم السلام) حديث عن الحقّ الذي أمرنا الله تعالى بالتسليم به، ودعانا إلى فهم علومهم بما حباهم من مزايا، وسجايا، وخصال كريمة، إلى غير ذلك من الصفات التي لا توجد، ولن توجد إلّا فيهم. فالنهضة الحسينية ليس لها مثيل في التأريخ، بل هي ذلك التأريخ المتجدّد، وهي المدد الدائم المعطاء، ومدرسة الأجيال في مواجهة الظلم والعدوان. فعاشوراء مدد لا ينضب، وحيوية مستمرّة تعبّئ النفوس، وتخرّج الأبطال والشهداء، ومأساة توقظ الضمائر، وموقف يحمي استقامة الإسلام، ونهضة تنير درب الحياة، وتربّي وتحيي؛ ليحظى الجميع بالسعادة في الدنيا والآخرة. ولقضيّة الإمام الحسين (عليه السلام) أهمّية قصوى لا بدّ من استذكارها، فمن تلك الرزيّة العظمى، والظلامة الكبرى بحقّ سيّد شباب أهل الجنّة نستلهم العِبر، فالمجالس العاشورائية المربّي الأمثل للأجيال من الشباب رجالًا ونساءً، فهي مَن أحيت تعاليم الدين الإسلامي في النفوس، وبثّت ثقافات توعوية مرتبطة بأهل البيت (عليهم السلام)، وبالاستمرار في إقامتها صون لأهداف النهضة الحسينية، فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "...ومَن جلس مجلسًا يُحيا فيه أمرنا، لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب"(١). أجرت مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) استطلاعًا للرأي مع ثلّة من النسوة المؤمنات بشأن أهمّية إحياء المجالس العاشورائية، وأثرها في تربية النفس، وتقوية الإخلاص، والدور الأخلاقي الذي تضطلع به. قُلنَ في... زينب ناصر حسين الأسديّ/ كاتبة ـ كربلاء المقدّسة: تمدّ المجالس الحسينية النفوس بفيض من التحفيز المعنوي للتمسّك بالنهج القويم الذي دعت إليه الرسالة الإسلامية النابضة بالعطاء، وذلك عبر المرور على المآثر الأخلاقية، والقصص التربوية الزاخرة في هذا المسير المعطاء. والإخلاص هو السرّ الكامن خلف كلّ النجاحات والإنجازات على مختلف الصُعد، فقد ورد في الحديث النبويّ الشريف: "رحم الله امرءًا عمل عملًا صالحًا فأتقنه"(٢)، وهذا ما تجسّد بكلّ مضامينه في معركة عاشوراء، بما تحمل من الشواهد الكثيرة التي روت لنا سيرة الإخلاص العطرة التي جسّدها أهل بيت النبيّ (سلام الله عليهم أجمعين) والأصحاب في نصرة المولى سيّد الشهداء (عليه السلام)، فعاشوراء مدرسة الإخلاص الخالدة ما توالت العصور، بما تمتلك من إيحاء سحريّ يتجدّد في كلّ عام؛ ليمحو البهت والصدأ الذي يصيب القلوب بتوالي الأيام. ولا بدّ للمجلس إذا كان نسويًّا من أن يحتوي مواضيع مدروسة تهمّ المرأة والأسرة والمجتمع، يدعم صناعة الحياة والتطوّر، والخروج بمصاديق تربوية ناجحة تسير على خُطى النهج الإصلاحي للمولى الإمام الحسين (عليه السلام) بتقديم نماذج نسوية قيادية استطاعت تحريك الصراع بين الخير والشرّ عن طريق رفض الظلم ونصرة المظلوم. الصفا لطيف علوان التميميّ/ أدب إنكليزي ـ ديالى: ذِكر أهل البيت (عليهم السلام) والتطرّق إلى سيرتهم كفيل بتهذيبنا، وقيمة عمل الإنسان وبركته تكون بمقدار إخلاصه لله تعالى، وشهادة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه (سلام الله عليهم أجمعين) هي من أسمى صور الإخلاص، وعلينا الاقتداء بتلك النهضة، فهي مدرسة للرجال والنساء شبابًا وشيوخًا من جميع الأديان والطوائف؛ لأنّها دعوة واضحة إلى الحقّ ورفض الباطل، وعلينا الاهتمام بالمجالس الحسينية النسوية؛ لكون المرأة مربّية الأجيال على مدى العصور. أمّ محمّد رضا الظالميّ/ ربّة بيت ـ النجف الأشرف: عاشوراء مدرسة للتعلّم والاعتبار، تؤثر في النفس الإنسانية بشكل لا إرادي، ومن أعظم دروس الإخلاص في عاشوراء تقديم الإمام الحسين (عليه السلام) أطفاله وأهل بيته قرابين في سبيل رفع راية الإسلام، وفي هذه المجالس يكون تذكير بكلّ صور الإخلاص لله تعالى في عاشوراء، وإيثار الأصحاب والأخوة والأخت قائدهم على أنفسهم، والكلّ نيّته خالصة لله تعالى. المجالس الحسينية هي من أعظم مدارس الحياة، غير مقيّدة بقيد، ولا تُحدّ بحدود، تُطرح فيها جميع المفاهيم السامية والقِيم، والدروس مستمرّة لا تتوقّف ولا تنتهي عند مرحلة معيّنة، فهدفها بناء الإنسان في المراحل العمرية المختلفة، وهذا هو البناء الحقيقي المتّسم بالاستمرار. خولة سعد سلمان/ ربّة بيت ـ بغداد: عاشوراء هي تفعيل وتجذير للقِيم الدينية والأخلاقية، وتذكير بزوال الدنيا والموت وعقباته، وتوطيد العلاقة بأهل البيت (عليهم السلام) بوصفهم القدوة والأنموذج الأكمل في الحياة؛ لنقتدي بهم ونسير على نهجهم، ونتعرّف على شخصياتهم وسماتهم وسجاياهم، واستثمار عاشوراء في تربية نفوسنا، وتربية المجتمع على طاعة ولاة الأمر المتمثّلة بأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ولأنّ المرأة جزء من المجتمع، فهي الأمّ، والزوجة، والأخت، والمربّية الفاضلة والقدوة الحَسَنة، إن صلحت صلحت الأسرة، وإن صلحت الأسرة صلح المجتمع بأكمله، فالمجالس الحسينية تمدّ الناس بالدروس لفهم الدين والعقيدة الحقّة، وإصلاح النفوس، فإن فاضت هذه المجالس بالعلم، والمعرفة، والثقافة الدينية، كانت نِعم المَعين الصافي الذي يروي الأسرة والمجتمع. رشا عبد الجبّار ناصر العباديّ/ كاتبة ـ البصرة: واقعة الطفّ مدرسة الإيثار والتضحية بالنفس، مدرسة الصبر، والشجاعة، والوفاء، والعزيمة، والمروءة، والعزوف عن ملذّات الدنيا، وغيرها، كلّها دروس للأجيال جيلًا بعد جيل. فقد بذل الإمام الحسين (عليه السلام) نفسه الشريفة في سبيل إعلاء كلمة الله (عزّ وجلّ)، والمرأة لها دور فاعل في بناء المجتمع، ونشر قِيم عاشوراء الزاخرة بالعطاء، والباعثة على الأمان والنقاء، ذات البركات والسخاء. عهود فاهم ناصر العارضيّ/ كاتبة ومعدّة برامج إذاعية ـ النجف الأشرف: تُعدّ المحاضرات الرصينة النابعة من الفكر الحسيني بمثابة كتاب مفتوح يُقرأ ببساطة، ويفهمه كلّ مَن يحضر هذه المجالس، فتدخل العقل والقلب مباشرة؛ لأنّ مؤسّس هذه المدرسة ضحّى بالغالي والنفيس من أجل الإصلاح في أمّة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فعلينا استثمار عاشوراء عن طريق استخلاص الدروس والعِبر من هذا اليوم العظيم، بما حدث فيه من تضحيات جليلة من أجل إحياء كلمة الحقّ، ومن ثمّ إصلاح النفس والمجتمع. نادية محمّد شلاش/ قانونية ـ النجف الأشرف: واقعة عاشوراء تجسّد قمّة الإخلاص، وهذا ما تجلّى في أهل بيت الإمام الحسين وأصحابه (عليهم السلام)، فكبيرهم كحبيب بن مظاهر، وصغيرهم الطفل الرضيع، وشبابهم كعليّ الأكبر، وفتيانهم كالقاسم، وطاعتهم لإمام زمانهم كانت منقطعة النظير، فتعلّم أبطالنا من هؤلاء الأولياء الفداء بالنفس، والتضحية من أجل حماية العرض، والأرض، والدفاع عن المقدّسات عندما لبّوا نداء المرجعية في الدفاع الكفائي، لقد نهض الإمام الحسين (عليه السلام) للإصلاح في أمّةٍ عادت إلى الجاهلية القهقرى، ونقضت عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله). أسماء سلمان جميل الكرخيّ/ معاونة معهد القرآن الكريم النسوي التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة ـ فرع واسط: عاشوراء تمثّل نقطة التحوّل في انتصار المبادئ على الظلم، وانتصار الرسالة المحمّدية. عاشوراء مدرسة الإخلاص لله تعالى، وكسب رضاه، فقد قدّم الإمام الحسين (عليه السلام) كلّ ما يملك، حتى نفسه الزكيّة بذلها في سبيل الله تعالى من أجل بقاء الإسلام، فأيّ إخلاص بعد هذا التفاني؟ والجود بالنفس غاية الجود. منال مذريّ عيدان الربيعيّ/ مديرة تدقيق أقدم ـ جامعة كربلاء: إنّ ملحمة الطفّ قدّمت دروسًا بليغة في جميع الفضائل التي تحلّى بها أهل البيت (عليهم السلام)، وأنّ استذكار عاشوراء يُعدّ إحياءً لتلك الفضائل والتأكيد عليها، بخاصّة المجالس الحسينية المقدّسة؛ ليستشعرها الناس ويتحلّوا بها، فينعمون بالعيش في مجتمع راقٍ يتحلّى بتلك الفضائل التي استشهد من أجلها أهل البيت (عليهم السلام). علينا أن لا ننسى تلك الحوادث والمواقف التي أدركها الإمام الحسين وأخوه أبو الفضل العبّاس (عليهما السلام)، وأخته العقيلة زينب (عليها السلام)، والأبناء والأخوة قد بذلوا ما بذلوا لنيل رضا الله سبحانه وتعالى بقلوب مطمئنّة مخلصة، فحقّقوا أعظم الانتصارات للقِيم والأخلاق النبيلة، ونحن نستذكر تلك القِيم لتكون منهجًا تربويًا لكلّ الأجيال، ولا بدّ من إحياء تلك المجالس والتواصل الفاعل معها؛ لأنّها أفضل وسيلة للتوجيه والإرشاد، يتمّ عبرها استذكار مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) بكلّ ما تحمل من آلام ودروس، لكن بشرطها وشروطها، أي تكون خطيبة المنبرعلى قدر كافٍ من الالتزام والوعي العقائدي لتحقيق هدف المجلس. شهلاء كاظم العكيليّ/ ربّة بيت ـ صلاح الدين: للمجالس الحسينية أثر بالغ في حياة الفرد؛ لأنّ فيها من الحِكَم والمواعظ ما ينبّه الفرد ويرشده لأمر مهمّ ونافع قد غفل عنه، فتعيد بناء شخصيته، وتسهم في تنقية روحه وربطها بالله تعالى. والمتأمّل فيما حدث في يوم عاشوراء يدرك بجلاء أنّ عاشوراء مدرسة تثري الأجيال المتعاقبة بالمبادئ الإسلامية العالية التي تجسّدت في مواقف الإمام الحسين (عليه السلام)، ومواقف أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) من التضحية، والإباء، والإخلاص، وعلوّ الهمّة، والثبات على مبدأ الحقّ، وبذل النفس والنفيس في سبيل الله، والوفاء، والعزم، والشجاعة، وغيرها من المبادئ السامية التي لا تخفى على مَن تدارس هذه الواقعة، ونظر فيها بإنصاف ورويَّة. تعدّ عاشوراء فاجعةً على مختلف الصُّعُد على مدى العصور، وهي بحقٍّ مشعل وهّاج ينير طريق السائرين على الحقّ، وفيها ما فيها من الدروس العالية، والعِظات البليغة، والمواقف المؤلمة التي شهدتها هذه الأرض المضمّخة بالدماء الطاهرة لأولئك العظام من عترة آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)، لذا علينا التمسّك بذلك النهج القويم، وإحياء ذكراهم واستثمار القِيم، والمعاني، والأهداف التي أفرزتها هذه الواقعة في مشاريع نهضوية، فهي ذلك الرافد الفكريّ والعملي لقِيم التحرّر والخلاص من العبودية، وهي تلك الثقافة الحيّة التي تحثّ الناس على الخير والتقوى. ................................................ (١) ميزان الحكمة: ج ١، ص ٣٩٩. (٢) مسائل عليّ بن جعفر ابن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): ص ٩٣.