رياض الزهراء العدد 184 ملف عاشوراء
شِبلُ عَلِيٍّ وَفَخرُ بَنِي هَاشِمٍ
وُلِد العبّاس (عليه السلام) في كنف والده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، سليل سلسلة النَسَب الشريف، فهو وليد الكعبة المعظّمة، وربيب الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وأوّل مَن آمن به، وصهره، ووصيّه، وشهيد الصلاة في محراب مسجد الكوفة(١). أمّا والدته، فهي السيّدة أمّ البنين (عليها السلام) فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن عامر بن كعب بن عامر بن كِلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. لم يكن ارتباط الإمام عليّ (عليه السلام) بأمّ البنين (عليها السلام) ارتباطًا عاديًا، وإنّما كان قائمًا على التقصّي والبحث، فوقع الاختيار عليها، وولدت له العبّاس وإخوته (عليهم السلام)(٢). وعن سماته الجسدية تذكر المصادر التاريخية أنّه كان وسيمًا جميلًا، عندما يركب الفَرَس المُطَهَّم كانت رجلاه تخطّان في الأرض، وكان يُقال له : قمر بني هاشم(٣). تنقسم مراحل حياته إلى ثلاث: المرحلة الأولى تبدأ من ولادته (عليه السلام) حيث نشأ في كنف وليّ الله الأعظم (عليه السلام) إلى أن بلغ الرابعة عشرة من عمره، قضاها مع والده أمير المؤمنين والإمامين الحسنين (عليهم السلام)، أمّا المرحلة الثانية فتنتهي في الرابعة والعشرين من عمره، قضاها مع أخويه الإمامين الحسنين (عليهما السلام)، أمّا المرحلة الأخيرة من حياته فكانت مع أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الرابعة والثلاثين من عمره الشريف. كان العبّاس (عليه السلام) منذ عمر مبكّر مرافقًا لأبيه (عليه السلام) في معاركه، فعندما اندلعت فتنة المرتدّين متمثّلة بحرب الجمل في بداية حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام)، كان للعبّاس (عليه السلام) دور فعّال في الجهاد، وكان يبلغ من العمر آنذاك عشر سنوات أو ست عشرة، أمّا في معركة صفّين، فقد كان له الدور الأبرز، حيث كان يُقاتل أهل الشام إلى جانب أبيه وأخويه، وكان وقتها يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا بحسب المصادر التاريخية(٤). وكان ختام سلسلة الوفاء، والإخلاص، وقوّة الإرادة، والعزيمة في يوم عاشوراء، حيث كان (عليه السلام) نِعم السند لأخيه الحسين (عليه السلام) في تلك النهضة الخالدة، وقائدًا يزخر التاريخ بذكره إلى يومنا هذا، حيث سجّل أروع الملاحم البطولية، بخاصّة في يوم تاسوعاء الذي تمثّل بهجمته البطولية على نهر الفرات لجلب الماء إلى الخيام، وبالفعل تمكّن من انتزاع الماء، وباءت كلّ محاولات الخصم بالفشل في الحيلولة بينه وبين نهر الفرات، وزعزعة همّته أو كسبه إلى معسكرهم، منها محاولات شمر بن أبي ذي الجوشن الذي وقف على معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) ونادى: "أين بنو أختنا؟"(٥). تلقّى العبّاس (عليه السلام) الضربات والطعنات التي أودت بعمره الشريف، ولم يشعر بالألم أو أوجاع تلك الضربات؛ لأنّه قد غمر روحه العشق الحسيني الذي لا ينضب، والولاء، والعرفان، والامتنان لإمام زمانه، وضرورة طاعته، والانصياع لأوامره، فبذل نفسه الشريفة فداءً له، وإعلاءً لراية الإسلام، والحفاظ على مبادئ الحقّ والعدل، وسَيرًا على نهج الإمام الحسين (عليه السلام) في مواجهة الحاكم الجائر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ................................ (١) العبّاس أبو الفضل بن أمير المؤمنين (عليه السلام)، سماته وسيرته: ص١٩. (٢) معالم أنساب العرب: ص٢٥٤. (٣) مقاتل الطالبيّين: ص٩٠. (٤) بتصرّف من المناقب لابن شهر آشوب: ص١٥٤. (٥) أعيان الشيعة: ج٧، ص٤٣٠.