لَيلَةُ العَاشِرِ

سرور عبد الكريم المحمّداويّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 265

ها قد بدأت الشمس تودّع الشموس الكبرى والأنوار العُليا، تهاوت بحزنها بشكل تدريجي، وبدأت النجوم تزيّن السماء بنور الآل، احتضن الليل أرواحًا سماويةً، وعبق الذكر وتمتمة الآيات سُمِعت أصداؤها في الكون كلّه. كانت ليلة غير الليالي كلّها، كان نور وجه الحُسين (عليه السلام) يُضيئها كالبدر في ليلة تمامه، وكان الليل لا يرجو أن ينقضي، وتلك الأرواح عاشت زمنها في جنّة نعيم القُرب لشدّة جمال الموقف وهم يسمعون القرآن يقرأ القرآن. ليفنى الجسد في العبادة، والروح تُناجي، والقوم بين راكعٍ وساجدٍ شوقًا لِوصال الحبيب. أن يتقوّى الجمع ويلبسون القلوب على الصدور، أن تتجسّد في النساء شجاعة الليوث البواسل، الكلّ في مكانه حيث ينتمي، حتى ذلك الطفل الرضيع قد وقّع عهدًا لن يبدّله: كلّنا أنصاركَ يا بن الزهراء. وتلك الطالبيّة قد ارتدت ثوب شجاعة أمّها (سلام الله عليهما)، وعظمة أبيها عليّ، ونصر جدّها محمّد (صلوات الله عليهم أجمعين) . كانت ليلة تفيض عشقًا وهيامًا، كانت لحظات تُقاس بحلاوة الشهد، الليلة هي آخر ليلة للجسد مع الروح، اجتمع القلب وروحه لنسج أروع صورة عن وصال الحبيب بحبيبه. وفي هذا الزمان تمعّني في حسين الروح، وشمر النفس الأمّارة بالسوء، فمَن تنصرين كلّ يوم؟ حسين الروح بالعبادة والأخلاق الحَسَنة، أم شمر النفس بالمَلَكات السيّئة وابتعادكِ عن غاية الوجود؟ بما أنّكِ تتنفّسين، فانهضي، قومي ونادي: (يا لِثارات الحسين (عليه السلام)).. فكلّنا ننادي وسنبقى ننادي: أنا لكَ فدائي.