عاشوراء حول العالم عَاشُوراءُ فِي إِيرَان

مريم محمّد العطّار/ إيران
عدد المشاهدات : 204

أفاطمُ لو خلتِ الحسين مجدَلا وقد مات عطشانًا بشطّ فراتِ إذًا للطمتِ الخدّ فاطمُ عنده وأجريتِ دمعَ العين في الوجناتِ أفاطمُ قومي يا أبنة الخيرِ واندبي نجومَ سماواتٍ بأرضِ فلاةِ العادات والمراسيم الدينية هي الأكثر أهمّية وتأثيرًا في إيران، هي التي تُخلّد حداد الإمام الحسين (عليه السلام)، حفيد نبيّ الإسلام، والإمام الثالث للشيعة، ومع حلول شهر محرّم الحرام، تعمّ الأجواء المفعمة بالأحزان، حيث تتشّح المدن الإيرانية بالسواد، بما فيها مدينة مشهد المقدّسة، حيث تشارك جماهير غفيرة عند مقام الإمام الرضا (عليه السلام) في المراسيم السنوية المخصّصة لاستبدال راية القبة الشريفة، وتُنشر المئات من اللافتات والرايات التي تحمل شعارات النهضة الحسينية، وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) عن واقعة عاشوراء . وفي بعض المدن الإيرانية تُعّد مراسيم ومواكب ومجالس العزاء الحسيني خير رمز وأفضل شعار لانسجام وَحدة مسلمي إيران، حيث تجمع المواكب الحسينية أبناء الجمهورية الإسلامية الإيرانية على اختلاف قوميّاتهم وعاداتهم ولهجاتهم، مثل الكردي، والتركي، والعربي، والتركماني، والبلوشي وغيرهم، جنبًا إلى جنب يشكّلون مواكب وَحدة إسلامية قاعدتها الأخوّة والمحبّة، ورايتها مسيرة أبناء رسول الله (صلّى الله عليه وآله). واحترامًا لهذه النهضة الخالدة، وتقديسًا لشهادة الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه البررة. عاهد أبناء الأمّة الإيرانية منذ غابر الأزمان أنفسهم على توقّف محافل الفرح والسرور، وعدم إقامة حفلات الزواج خلال شهري محرّم وصفر من كلّ عام، ومع اختلاف مراسيم هذه المدن وتنوّعها، إلّا أنّها واحدة في مشاعرها، وهي محبّتهم العميقة للإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام). وفي العادة تكون مراسيم عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) في إيران ملفتة إلى حدّ أنّها لا تستقطب أبناء البلد وحَدهم، بل أيضًا تستقطب مشاهدين من بلدان أخرى، لتشكّل مراسيم دينية في معظم المدن، ففي محافظة آذربايجان في مدينة (تبريز)، تبدأ مراسيم الأحزان قبل حلول شهر محرّم، وتستمرّ بعد ظهر العاشر من هذا الشهر، ويسمّي الأهالي هذه المراسيم باسم (شاخ سي) وهو مختصر كلمة (شاه حسين)، حيث يقف المعزّون بملابسهم السوداء جنبًا إلى جنب، ويضع كلّ منهم يده على ظهر الآخر، مكوّنين سلسلة، ويحملون في اليد الأخرى عصا يحركونها إلى الأعلى والأسفل، وهم يواصلون حركتهم إلى الأمام، ويرفعون أصواتهم بالوقت نفسه بنداء (شاه حسين)، (شاخ سي) و (واي حسين) (واخ سي)، أي (وا أسفاه يا حسين) بأصوات هي أقرب للقلب والروح. وفي بعض المدن تُرفع الرايات السوداء على القُبب، ويعود تاريخ هذه المراسيم إلى ثماني قرون، مثلما تتخذ المدينة لنفسها لون السواد في أزقة الطرقات والمنازل؛ ليشكّل عطر العزاء حيث يعدّ أهالي هذه المدينة جزءًا من ثقافتهم وعادتهم، وأيضًا إشارة واضحة إلى الحزن المستمرّ بين الأجيال الشيعية على ما جرى للإمام الحسين (عليه السلام) في ملحمة كربلاء، فهو حزن يتكرّر كلّ عام لتبقى أيام عاشوراء خالدة في نفوس الأحرار. وفي سائر مدن إيران هناك طقوس خاصّة، ففي مدينة (كاشان) يكون أداء مراسيم عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) بحمل النعش (نخل) بكلّ عظمة ووقار، وهو عبارة عن هودج كبير وعليه خيمة، يقوم مجموعة من الرجال برفعها فوق رؤوسهم والطواف بها في كلّ مكان يجتمع فيه المعزّون، مثلما يُعّد أهالي كاشان هذه المراسيم من واجبات يوم عاشوراء. إنّ عاشوراء هي عزّة المسلمين، وركن الكعبة وعمود القبلة، وعماد الأمة، وحياة القرآن، وروح المشعر ومنى، وهدية الإسلام للبشرية والتاريخ