من أروقة المحاك_مَأسَاةُ امرَأَة


عدد المشاهدات : 128

جلجل صوت المحامي في قاعة المحكمة في أثناء مرافعته التي بدأت هكذا: أنا لا أرتجي من هذا العالم سوى احترام المرأة في بلدي الجريح سيّدي القاضي، في الأمس القريب قتلوا كلّ شيء جميل في بلادي، أيتموا الطفل البريء، قتلوا ابتسامته، جعلوا من سيدات هذا الكون (العراقيات) أرامل، باتت موكلتي هي وأطفالها القاصرون بلا عشاء، ما من أحد يسأل عنهم. أين كان هذا الرجل عنهم (جدّهم) كي يطالب اليوم بحضانتهم؟ وكما تعلم بأن نصّ المادة (57) من قانون الأحوال الشخصية يفضِّل الأم والدة الأطفال بالحضانة على غيرها، ولا يحق لأحد منازعتها عليهم، إنه يدّعي الأبوة بعد وفاة والدهم، وأنه أحنُّ عليهم منها، ويدعي أنه حينما يراهم يرى ابنه فلذة كبده، وأتساءل أين كان حنان الأبوة في ذلك الوقت الذي طرده من البيت هو وأطفاله في ليلة سوداء؟ هل يشعر بالندم تجاه ولده الذي طالته الأيادي القذرة وأردته قتيلا؟ لِمَ لَم يرعَهُ ويأوِهِ مثلما تفعل هذه المرأة الممزقة المذبوحة منذ ثلاث سنوات وهي تأويهم؟ وقد ذاقت بسببهم ويلات الذلّ والمهانة إذ عملت في أحد المنازل المترفة من أجل جلب لقمة العيش لأطفالها متناسية كبرياءها. سيّدي القاضي: إنه لم يسأل عنهم طَوال هذه المدة, وإن الدافع الوحيد الذي جعله يلتجأ إلى هذه المحكمة للمطالبة بحضانة الأطفال هو طمعه بالاستيلاء على راتب والدهم الشهيد، وليس خوفاً أو عطفاً عليهم. إني أتساءل: لماذا لم يطالب بالحضانة قبل حصول والدتهم على الراتب التقاعدي لوالدهم؟ إن مطلبه بإسقاط حضانة الأم عن الأطفال، وضمّ الأطفال إليه غير مشروع، هذا إضافة إلى أن عريضة الدعوى التي أقامها المدعي خالية من الأسباب، فمسقطات الحضانة استناداً إلى نصّ المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي المرقم 188 لسنة 1959م وهي تسقط الحضانة عن الأم في حال: (إذا كانت مصابة بمرض خطير يُخشى على مصلحة المحضون منه، إذا كانت سيئة الخلق، اختلاف الدين.. إلخ) فكلّ هذه الأسباب غير موجودة، هذا إضافة إلى ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز مؤخراً (إن الأم أحق بتربية المحضون من غيرها) لذا ولِما تقدّم اطلب من محكمتكم المحترمة الحكم بردّ الدعوى.