رياض الزهراء العدد 184 ملف عاشوراء
الإِمَامُ الحُسَينُ (عليه السلام) وَخُلاصَةُ الشَّرِيعَةِ
لو حاولتِ دومًا الغوص في أعماق روحكِ، وتعاملتِ معها بشفّافية مفرطة، وإنصات كبير في أغلب المواقف التي تواجهكِ، فستتفاجئين بصوت طفل صغير يرشدكِ ويوجّهكِ دائمًا لتسلكي كلّ طريق صحيح، عندها ستتمكّنين من الحصول على راحتكِ النفسية وسلامكِ الداخلي، فمدى التزامكِ بإرشادات هذا الطفل هو المقياس الذي يحدّد ما إذا ستكونين فردًا صالحًا أم طالحًا، والأجمل في كلّ هذا أنّ هذا الطفل على اتّصال وثيق بالله تعالى، ولن يطلب منكِ أن تقومي بأيّ شيء يخالف إرشاداته سبحانه، وما ورد في الشرائع التي أنزلها على رسله. ولو حاولتِ التعرّف على هويّة هذا الطفل أكثر ومَن يكون، فستعرفين بأنّه ضميركِ الذي يحاول جاهدًا أن يبقيكِ في مأمن من الوقوع في الخطأ والظلم، وبوجوده تعرفين أهل الصلاح من أهل الضلال، فكلّ مَن يمتاز بالضمير نجده يمتاز أيضًا بروح شفّافة، وقلب نقيّ، ومحبّة للناس جميعًا، والتزام بالتعاليم الربّانية. وما إن نجد شيئًا تأمر به الأديان إلّا وجدنا في الجهة المقابلة الضمير يدفعنا إليه بالفطرة، فمثلًا ضمير الإنسان يدفعه إلى معاملة الناس بالحُسنى، ومحبّتهم وتجنّب ظلمهم، ويُروى أنّ أحد العلماء سأل نبيّ الله عيسى (عليه السلام) ليحرجه أمام الناس، فقال: "يا معلّم، ما أعظم وصيّة في الشريعة؟ فأجابه يسوع: أحِبَّ الربّ إلهكَ بكلّ قلبكَ، وبكلّ نفسكَ، وبكلّ عقلكَ، هذه هي الوصيّة الأولى والعظمى، والوصيّة الثانية مثلها؛ أحِبَّ قريبكَ مثلما تحبّ نفسكَ"(١). وكلّ أولياء الله الصالحين نجدهم ملتزمين بهاتين الوصيّتين أشدّ الالتزام، وجميعهم أرواحهم شفّافة ويحكمهم الضمير الحيّ، مقتدين بسيرة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السلام)، بخاصّة في يوم عاشوراء، بما أعطى من دروس للبشرية في حبّ الخير للناس والبحث عن راحتهم. .................................. (1) كتاب الإنجيل (العهد الجديد)، الوصيّة العظمى: ص٣٧.