رياض الزهراء العدد 184 ملف عاشوراء
مُحَرَّمٌ.. مَلحَمَةُ الخُلُودِ
من منطلق الانتصار والأحداث المهمّة، منذ الصغر عرفنا أنّ الأيام والأشهر تُخَلَّد بأحداثها، لا بأرقامها، ولا بأسمائها، وكذا الحال مع الأشخاص، إذ يُخلّدون بمقدار أهمّيتهم، وحُسن أخلاقهم، ونفعهم للمجتمع، لا بمناصبهم. فيحفر التاريخ أسماءهم في طيّات صفحاته التي تُنشَر، ويُذاع محتواها على نطاق العالم، تاريخ منشور لا مستور، تاريخ يُروى، لا يُنسى مدى الحياة، ذلك التاريخ الذي لا تفوته صغيرة ولا كبيرة منذ أول الخلق نبيّ الله آدم (عليه السلام) وإلى يومنا هذا، يستحيل أن يُنسى يوم انتصر فيه الدم والعلم والإنسانية على السيف والضلال والكفر والجهل. ويستحيل أن تُشطب من صفحاته تلك الواقعة التي خلّدت ذلك الشهر الحرام (محرّم) خلودًا إلى يوم القيامة، مثلما لم يخلّد الواقعة إلّا أبطالها وأهدافها السامية. بطل، ثائر، مجاهد، شهيد، غيّر مسرى حياة الأمم لأفضل حال، هو الحسين (عليه السلام)، والذين معه: العبّاس (عليه السلام)، والآل والأنصار(عليهم السلام)، أبطال فضحوا الأمويّين، والإطار الديني المزيّف الذي تلبّسوا به. فالإمام الحسين (عليه السلام) سليل النبوّة والإمامة يُقتل هو وأنصاره بأبشع الصور، وتُسبى عياله بأقسى صورة، وتمّت معاملتهم بأشدّ أنواع الظلم، وهو ممّا أشار الإمام الحسين (عليه السلام) إلى جزء منه عندما خاطب آل أميّة قائلًا: "فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألستُ ابن بنت نبيّكم، وابن وصيّه وابن عمّه، وأول المؤمنين المصدّق لرسول الله بما جاء به من عند ربّه؟!"(١). ففي كلّ الخُطب والمحاورات التي جرت في وضع متوتّر حسّاس، أوضح فيها الإمام الحسين (عليه السلام) للناس مكانة طرفي النزاع، ثم ما ستؤول إليه نتيجة المعركة من بشاعة في السلوك والفكر، اتّضحت خسّة الأمويّين ودناءتهم ودجلهم. ................................... (١) الإرشاد: ج ٢، ص ٩٧.