رياض الزهراء العدد 184 لحياة أفضل
عَابِرو سَبِيلٍ
لطالما استوقفتني هذه العبارة: (نحن في هذه الدنيا عابرو سبيل)، ولطالما حاولتُ البحث عن معناها، والتعمّق في مضمونها، ولطالما آمنتُ بأنّ الدنيا زائلة، ولا قيمة لها، وكلّ ما علينا فعله هو الصبر على البلايا والمحن، وما يريد أن يحدث فليحدث! لكن أنّى للروح أن تتحمّل كلّ هذه المصائب، وهذه التغيّرات التي تطرأ على المجتمع؟ لقد عشتُ مدّة كافية لأرى أشخاصًا قد ابتلوا ببلايا شديدة، ورزايا عظيمة، وامتحانات كبيرة على العقل والقلب، لكن ما فاجأني هو مدى تحمّلهم وصبرهم عليها، فكيف ذلك؟! كلّما أحسسنا بالعطش أجدب مزاجنا، كذلك هي الحياة، فتلك البلايا التي تحيط بنا ما هي إلّا عطايا إلهية، وهي مرتبة الأمثل فالأمثل، فننتظر رحمة الله(عزّ وجلّ)، ونتجاوز تلك الصعوبات ونعيش الأمل. حسنًا، لنتوقّف قليلًا ونتأمّل أسباب هذه الابتلاءات والامتحانات، فبعضها خارجة عن إرادة الإنسان، أي لا نستطيع التحكّم بها، لكن نستطيع أن نسيّرها، فكيف ذلك؟ هذه الابتلاءات إمّا أن تنقلنا إلى مقام عالٍ أو إلى أسفل السافلين؛ لذلك يجب أن نكون مسلّحين بالثقة والإيمان بالله (عزّ وجلّ)؛ لأنّه لا ملجأ سواه، لهذا نحن عابرو سبيل، وعلينا أن لا نجزع، ولا نيأس؛ ليهدينا الله (عزّ وجلّ) ويقودنا إلى طريق الحقّ، فقد كانت ابتلاءات الأولياء والصالحين عظيمة وكبيرة، لكنّهم جعلوا هدفهم الأول والأخير لقاء الله (عزّ وجلّ) بقلب سليم ونفس مطمئنّة؛ لذلك كلّما زاد البلاء تحرّرنا من الدنيا بالصبر، والقوّة، والثقة بالله (عزّ وجلّ)، والرضا، والقبول، وتحويلها من أحزان دنيوية إلى أحزان أخروية.