صِنَاعَاتٌ مِثَالِيَّةٌ

زهراء صلاح الطائيّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 177

لا شكّ في أنّ التغيّر الذي حدث في عالم التواصل وتقنياته يمكن أن يحمل وصف الثورة بكلّ صورها، وهو تطوّر عالمي، وقد كان لهذه الثورة أثرها في مستخدميها سلبًا أو إيجابًا، وكان لها إيجابياتها المحمودة، مثلما كان لها سلبياتها التي استوقفت البعض طويلًا قبل الدخول إلى هذا العالم الافتراضي، خوفًا من منزلقاته ومخاطره. وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المزايا التي تسهم في زيادة ثقافة الفرد، وزيادة معلوماته ووعيه إذا ما تمّ استخدامها بشكل صحيح، وإلّا سيصيبه بعض شرورها: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (المدثّر:٣٨)، فمن استطاع التحكّم في هوى نفسه، فسيستخدم تلك الوسائل بشكل صحيح وفي الجانب النافع له، ومَن أفلت زمام نفسه ولو قليلًا، أصبحت وسيلة فتّاكة مضرّة بدينه ودنياه وأسرته. أصبح دور مواقع التواصل مهمًّا للغاية من حيث زيادة توطيد العلاقات، والتعرّف على البيئات الأخرى، وكسب الكثير من المهارات، إضافة إلى التعلّم عن بُعد، حيث بات من السهل الوصول إلى أيّ علم نريد تعلّمه، وفي أيّ تخصّص كان، مثلما أنّها فتحت أمام الباحثين أبواب المكاتب العالمية، ودُور الثقافة والمعرفة. هذا الأمر يجعلنا نفكّر كيف نجعل هذه الوسائل تخدم ديننا، فممّا لا شكّ فيه أنّ المجتمعات لا تستغني عن استخدام التكنولوجيا، وبالإمكان تسخيرها لصالح الإسلام، فالداعي إلى الله (عزّ وجلّ) عليه أن يواكب هذا التطوّر الحاصل في التقنيات الحديثة في خدمة الرسالة الإسلامية، وتحقيق أهدافها، وهو مُطالَب بأن يطوّر من ذاته، وأن يطوّر من دعوته ووسائلها، حتى تصل إلى جميع أفراد المجتمع، وينشر البحوث والمحاضرات الهادفة، وذلك لسهولة متابعتها من قِبل الجميع في كلّ العالم، فقد ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "كلمة الحكمة ضالّة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحقّ بها"(١). أمّا سلبيات هذه التقنيات، فأنّها مضيعة للعمر إن سيء استخدامها، تجعل مستخدمها مستهلكًا للوقت من دون فائدة حينما يكون مدمنًا على برامج التواصل الاجتماعي، فيقع في فخّ نشر الأخبار الكاذبة أي الإعلام الأصفر، إضافة إلى الانعزال عن المجتمع، والتنمّر، وسوء الفهم، والتأثير السلبي في الأطفال، ونشر بعض المواقع مواضيع منافية للأخلاق، وخلق نمط حياة مثالي غير موجود في الواقع، ممّا يولّد بعض المشاكل النفسية. علينا الاقتناع بأنّنا قادرون على بناء مجتمع متكامل عن طريق وسائل التواصل وفق الاستخدام الصحيح لها، وأنّنا قادرون أيضًا على هدمه وإفساده بالاستخدام السلبي لهذه الوسائل. ........................... (1) ميزان الحكمة: ج ١: ص ٦٧١ .