أسرتي التَّربِيَةُ بَينَ الاِنفِتَاحِ وَالتَّشَدُّدِ

جنان عبد الحسين الهلاليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 130

إنّ الفكر أساس النجاح أو الفشل، فإذا كان التفكير إيجابيًا ساعد على التحرّك والتقدّم، أمّا إذا كان سلبيًا فسيؤدّي إلى الإحباط والفشل، ومن الصعب أن نضع أصول التربية، ومبادئ الفكر القويمة للشباب إذا ما نشأوا في مجتمع مشتّت الأفكار، تتلاعب به رياح الانفتاح الجديدة، وتدلو بدلوها أمامه، وهو غير مُحَصّن أو مستعدّ لمجابهة تلك الأفكار الغريبة، وغير قادر على مواجهة ذلك الغزوّ الفكري، ومع اجتهاد الآباء والأمّهات في التعريف بالطريقة المُثلى التي تضمن السير في الاتجاه الصحيح، إلّا أنّ الخوف من حدوث ثغرات في الفهم، ونقص في الاستيعاب يبقى قائمًا. فنحن نشهد هبوب رياح الشرق والغرب، ومحاولاتها المستمرّة في اقتلاع الثوابت، وتبديل القيم، وإحلال ثقافة مستوردة لا صلة لنا بها، ولا شيء مشترك يجمع بيننا محلّ ثقافتنا الأصيلة، فهل تتوافر للأبناء القدرة الكافية للحفاظ على توازنهم وسط لوثة الأفكار، وهشاشة البنية الثقافية المستوردة المراد ترسيخها في المحيط الاجتماعي؟ هنا لحظة صمت يقف عندها الآباء الحريصون على إكساب أبنائهم مناعةً أخلاقيةً تحميهم من آفات الانفتاح العشوائي على ثقافات العالم إذا ما وجدوا قوّة في الريح التي تجذب أبناءهم للحفاظ على هوّيتهم من التشويه أو الانقلاع. يجب أن لا يدخل الأب مع أبنائه في صراع، وتعنيف، أو لجوء إلى الضرب، فإنّ التربية تعدّ أمرًا مهمًّا وحسّاسًا لا عشوائيًا، فتحتاج إلى الصبر، والحوار، والاستماع إلى الشباب برحابة صدر ليعبّروا ويفصحوا عمّا بداخلهم، حينها نوضّح لهم ما يحلّ مشكلتهم، ونبتعد قدر الإمكان عن الإلحاح في تقديم النصيحة. نحن بحاجة إلى أن نغيّر ما ورثناه من السلف بشأن علاقتنا بآبائنا، فنتنازل عن هذه الفوقية التي نعامل بها أبناءنا؛ لنقف معهم جنبًا إلى جنب أمام تحدّيات العصر الحالي، فالتربية التي ندعو إليها هي التربية الناقدة التي تسمح لأبنائنا بالتفكير، وطرح الأسئلة عن كلّ ما يدور من حولهم من أحداث، تربية حرّة لا تقييد فيها في التفكير، مع الحرص على بيان المفاهيم بسبب الاختلاف أو التوافق في الآراء من دون تشدّد.