رياض الزهراء العدد 184 بادر شبابك
اِقتِنَاءُ الكُتُبِ بَينَ رَغبَةِ القِرَاءَةِ وَالتَّبَاهِي
نلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار الكتب الملوّنة، بخاصّة ذات اللون الأسود من قبيل كتاب (اكستاسي)، وغيرها من الكتب التي صدرت بعده، المشابهة له في الطبعات من الأوراق ذات الجودة العالية، والغلاف الخشبي، وغيرها من الأنواع والأشكال المختلفة التي تجذب الشاب، والمراهق، وبقيّة الفئات العمرية. إنّ موجة انتشار كتب الحالة (الستوريات) أخذت حيّزًا من الطباعة، وتصدّرت واجهات رفوف المكتبات؛ لكون هذه الكتب باتت الأكثر مبيعًا، ولها أجزاء وطبعات مختلفة تشترك في الصفات الأساسية. إنّها كتب شبه فارغة المحتوى، رائعة الطباعة، تجذب الناظر وتجبره على تصفّحها واقتنائها بتميّزها في الرسومات، واشتراك اللغتين الإنكليزية والعربية في كتابتها، والعبارات القصيرة المرفقة مع رسومات ممتازة جدًا لأخذ الحالة (ستوري) وعمل منشور على الصفحات الشخصية من الفيس بوك والانستغرام وبقيّة مواقع التواصل. إنّ الإقبال الكبير على هذه الكتب بات يدقّ ناقوس الخطر نتيجةً لتوجّهات المقبلين نحو التفاهة والفراغ والسطحية، بحثًا عن الشكل والتصميم دون المحتوى والفكر الذي هو أساس فكرة القراءة والاطّلاع التي صارت شبه مندثرة، فالكلّ يبحث عن كتاب جميل ليلتقط صورة له ومعه، بينما أصبح نادرًا وجود مَن يبحث عن المحتوى والفكرة للاستفادة، فإنّ نيّة التعلّم تحوّلت إلى نيّة التصوير، وجعل الآخرين يرون الشخص وهو يقرأ ويحمل كتابًا، إذًا هو شخص مثقّف، ويحصل التباهي لا بما يحمل من فكر، بل بما يحمل من ورق شبه فارغ. وتعدّ المجتمعات العربية قليلة النشر، فوفقًا لدراسة للمؤتمر السنوي للجنة (الكتاب والنشر) للعام ٢٠٢١م، فإنّ العالم العربي ينشر (١٦٥٠) كتابًا سنويًا، بينما تنشر الولايات المتّحدة الأمريكية وحدها (٨٥) ألف كتاب سنويًا، والدراسة التي قامت بها اللجنة تشير إلى نتائج مماثلة خلصت إليها منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة الـ(يونسكو) في العام الماضي التي أوضحت أنّ متوسّط القراءة عربيًا ربع صفحة للفرد سنويًا، بينما تصل معدّلات القراءة في أميركا إلى ١١ كتابًا للفرد سنويًا، وفي بريطانيا سبعة كتب، ممّا يظهر مدى التدنّي الذي وصلت إليه معدّلات القراءة في الوطن العربي.