رياض الزهراء العدد 184 الملف التعليمي
الإِعدَادُ التَّربَوِيُّ ضَرُورَةٌ مُهمَلَةٌ
"ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته"(١)، حديث نبويّ أسّس لضرورة تحمّل المسؤولية في شتّى المجالات التي يكون الإنسان مسؤولًا عن إدارتها بما ينهض بها إلى سلّم النجاح . ولا شكّ في أنّ كلّ مشروع لا تنجح إدارته إلّا بارتكازه على أسس السلامة، ومن أهمّها الخبرة الكافية للسائس والمدير، فلا نرى شركة أو مؤسّسة ناجحة إلّا بإدارة مَن يمتلك الرؤية التامّة عن المشروع والخبرة بهذا الاختصاص التي لولاها لانتهى المسير بالفشل وعدم الإنتاج . الأسرة هي الشركة التي تتولّى مشروع التربية، والتي تهدف إلى إيصال المنتج (الأولاد) إلى ما يمكن من الكمال الإنساني، وعلامات الجودة في غرس القِيم والأخلاق، فلا يتحقّق لها النجاح والإنتاج إلّا إذا امتلك الأبوان الصورة الذهنية، وخارطة التربية السليمة لكونهما الرائدين في إدارة هذا المشروع. ومن هنا تبلورت فكرة ضرورة الإعداد التربوي، ولزوم إحاطة الأبوين بالثقافة التربوية، وتعبئتهما بمجموعة من الخبرات اللازمة قبل الولوج في هذا المجال، ليكلّل زواجهما وتربيتهما بالنجاح والفلاح، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "يا كميل، ما من حركة إلّا وأنتَ محتاج فيها إلى معرفة"(٢). ما كيفية الإعداد؟ وعلى ماذا يجب الاطّلاع لتكوين منهج تربوي سليم؟ وما المصدر الذي ينبغي اتّباعه لكي لا يقع الأبوان في الإفراط والتفريط، أو سلوك سبل خاطئة؟ إنّ الدعوة العامّة إلى اغتنام وقت الفراغ قبل الانشغال تؤشّر بأنّ المدّة الزمنية الأنسب لذلك الإعداد والتأسيس هي مرحلة ما قبل الزواج قياسًا بمشاغل الحياة الزوجية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ المنهج والمسار المأمون في الطريقة والأسلوب، والمتوازن في مراعاة الظروف والأعمار والشخصيات هو المنهج الإسلامي الذي ينتج خير أمة تسمو نحو الكمال الإنساني، بأفراد أسوياء معتدلين في الفكر والسلوك. وأخيرًا، مَن لم يسعفه الوقت لإعداد المنهج التربوي في مرحلة سابقة على مجيء الأطفال، فلا يفرّط في المراحل الأخرى من حياتهم، فما لا يُدرك كلّه، لا يُترك جلّه. ....................................... (1) ميزان الحكمة: ج ٢، ص ١٢١٢. (2) بحار الأنوار: ج ٧٤، ص ٤١٢.