رياض الزهراء العدد 184 عطر المجالس
"أَفضَلُ الجِهَادِ..."
الجهاد اصطلاحًا يعني بذل الجهد، ومن أوضح صوره وأكثرها شهرةً قتال أعداء الإسلام، والدفاع عن المقدّسات، بيد أنّه ليس النوع الوحيد من أنواعه، فإلى جانب القتال هناك صور كثيرة تؤلف بمجموعها دعائم لحفظ القيم السامية، وصيانة المجتمع أفرادًا وجماعات. بعد ذكر معطّر لمواقف الشهداء وجهادهم، تجاذبت رفقة الخير أطراف الحديث: ـ أمّ حسين: ما إن يُذكر لفظ الجهاد أو الشهادة، تحلّق روحي في سماء كربلاء. ـ أمّ عليّ: هذا أمر طبيعي بالنسبة إلى كلّ متدبّر منصف، فكربلاء ستبقى الحقيقة الأكثر إشراقًا والأبرز لمعنى الجهاد. ـ أمّ جعفر: روحي فداكَ يا سيّد الشهداء، حفظتَ الإسلام، وصنتَه بجهادكَ مع الأطائب من أهلكَ وصحبكَ، وجسّدتَ حقيقة قول أبيكَ أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة..."(١). - أمّ زهراء: وهو أرقى مصداق لقوله تعالى: ﴿..وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ (التوبة: ٢٠). - أمّ حسين: طوبى لمَن كان معه (عليه السلام). - أمّ زهراء: جهاد إمامنا لا يقتصر على ذلك اليوم المشهود، إنّما هو مسيرة ممتدّة، كانت بدايتها يوم العاشر من المحرّم، وختامها مع إمامنا المنتظر(عليه السلام)، وسيبقى عنوانًا لرفض الظلم، ومحاربة الفساد. - أمّ عليّ: هنيئًا للمجاهدين. - أمّ زهراء: ينبغي أن نعلم أنّ الجهاد لا يقتصر على مواجهة الأعداء بالسلاح المعروف، بل له مصاديق عديدة. - أمّ حسين: وخير ما يوضّح هذا المعنى، ما رُوي عن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) حين عاد جماعة من المسلمين من القتال، فقال: "مرحبًا بقوم قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله، وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس"(٢). - أمّ جعفر: الجهاد بمعناه العامّ واسع جدًا، فقد رُوي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "جهاد المرأة حسن التبعّل"(٣)؛ لأنّ في ذلك صيانة للأسرة. - أمّ عليّ: وقول الحقّ عند سلطان جائر جهاد. - أمّ جعفر: والكدّ على العيال، وطلب الرزق الحلال جهاد. ـ أمّ عليّ: ما لفت انتباهي هو حديث ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): "أفضل الجهاد مَن أصبح لا يهمّ بظلم أحد"(٤)، فهو يؤكّد على تعظيم الله تعالى لحقّ الإنسان على أخيه الإنسان؛ لأنّ الظلم يصدر في معاملاتنا مع بعضنا لا محالة، فيرافقه بخس في الحقوق المادّية والمعنوية. ـ أمّ حسين: هذه التفاصيل تبيّن لنا حكمة المشرّع العظيم في أن يكون الإنسان عزيزًا مكرّمًا، يعمر الأرض ويستثمر خيراتها. ـ أمّ جعفر: متى يكون ذلك، وكيف؟ ـ أمّ زهراء: قريبًا إن شاء الله، عند ظهور المؤمّل الموعود (عليه السلام). ....................................... (١) ميزان الحكمة: ج١، ص٤٤٤. (٢) بحار الأنوار: ج ٦٧، ص ٦٥. (٣) تفسير الميزان: ج ٤، ص ٣٥٠. (3) ميزان الحكمة: ج ١، ص ٤٥٢.