الذرّات

في أيام الامتحانات تكون الأمّهات في حالة إنذار وتوتّر قد يكون أكثر مما يشعر به الولد أحياناً؛ ولذا نضطر أن نترك بعض المهم لأداء الأهم، وهو مساعدة الطالب بأي طريقة ليجتاز امتحانه بيسر، حتى إنني أدرس معهم وكأني سأمتحن. كان الامتحان الكيمياء، والموضوع الذرّات ولست بصدد شرح المادة ولكني انبهرت بالذرّات وكأني أدرسها لأول مرة، فكلّ مادة -كملعقة الشاي مثلا-ً مكوّنة من ذرّات متعددة، هذه الذرّات ليست ساكنة مثلما نرى الملعقة ونحن نحركها متى نشاء وإنما هي في حالة حركة مستمرة، فهذه الالكترونات التي تدور بشكل منظّم ومذهل لا يغير مساره وكأنها مدينة عظيمة ذات شوارع كبيرة وطرق مختلفة، والالكترونات تدور بشوارع منظمة لا هي تتصادم ولا هي تغيّر مسارها كيفما تشاء، وإنما لها مسار محدّد وسرع محدّدة، وهذا ينطبق على كلّ ما نراه من أشياء حيّة أو أشياء جامدة مثل: القلم والورقة والأثاث والسجاد.. وهذا مصداق قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)/ (الإسراء:44). يا الله كم نحن غافلون؟ وكم نحن بعيدون؟ إلا أن نُذكَّر بصوت أذانٍ أو قارئٍ للقرآن حتى نقول يا الله.. قرّرتُ بعد إكمال امتحاناتهم أن أجمع كتب الكيمياء والفيزياء للمراحل المختلفة لأدرس من جديد وأغوص في علم الذرّة، وكأني طالبة مدرسة تروم التخرج بكفاءة.