البُكاءُ وأَثَرُهُ فِي الصِّحَّةِ النَّفسِيَّةِ

أ. د. سعاد سبتي الشاوي/بغداد
عدد المشاهدات : 228

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾(الإسراء:١٠٩)، يلجأ الإنسان إلى البكاء للتعبير عن مشاعره في الفرح، والحزن، والخوف من شيء ما، والألم الذي يشعر به، وقد يكون هذا الألم جسميًا أو نفسيًا، إذ إنّ النفس البشرية معقّدة جدًا في انفعالاتها وعواطفها؛ لأنّ البكاء غريزة بشرية، فهي خبرة سيكولوجية يمرّ بها كلّ إنسان في مراحل حياته المختلفة، صغيرًا كان أم كبيرًا، ذكرًا كان أم أنثى، غنيًّا كان أم فقيرًا، مثلما أنّه ظاهرة نفسية عامّة، ومشتركة بين جميع البشر على اختلاف ألوانهم، وأشكالهم، وألسنتهم، وثقافاتهم، وبيئاتهم، فالبكاء لغة عالمية لا تختلف باختلاف الألسن، أو الثقافات، أو البيئات، فالجميع يبكون بالطريقة ذاتها وللأسباب نفسها. أقسام البكاء: • البكاء الشفّاف: يكون بسبب فقدان شخص عزيز مثلًا. • البكاء بسبب الفرح. • البكاء بسبب الغضب. • البكاء بسبب الألم. • البكاء من أجل التمويه (دموع التماسيح). • البكاء لتخفيف التوتّر، أو الشفقة على النفس. وللبكاء فوائد صحّية، منها أنّه يساعد على التخلّص من التوتّر، وإعادة التوازن النفسي للإنسان، ويخلّص الجسم من السموم، ويسهم في قتل البكتيريا في الجسم؛ لأنّ مادة الـ(ليزوزيم) الموجودة في الدموع تسهم في تعقيم الجسم، وترطيب العين، وتزيد من إفراز هرمون الـ(إندورفين) الذي يمنح الجسم الشعور بالسعادة والاسترخاء، وتعزيز المزاج. ويساعد البكاء جميع الفئات العمرية على النوم المريح؛ لتخطّي الأزمة التي يمرّ بها الفرد، ويدعم الصحّة النفسية بصفة عامّة، فضلًا عن أنّه يساعد في التواصل مع الآخرين. وتعدّ المرأة أكثر بكاءً من الرجل؛ وذلك لزيادة عدد الغدد الدمعية الموجودة لديها، وغزارة إفرازاتها أكثر من الرجل، فالمرأة عندما تبكى فإنّها تخفّف من توتّرها العصبي. ولا ننسى ما للبكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) من ثواب عظيم، فعن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال:"كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليّ دمعةً حتى تسيل على خدّه، بوّأه الله بها في الجنّة غرفًا يسكنها أحقابًا، وأيّما مؤمن دمعت عيناه دمعًا حتى يسيل على خدّه لأذىً مسّنا من عدوّنا في الدنيا، بوّأه الله مبوّأ صدق في الجنّة، وأيّما مؤمن مسّه أذىً فينا، فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خدّيه من مضاضة ما أوذي فينا، صرف الله عن وجهه الأذى، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار"(١). ...................... (1) بحار الأنوار: ج ٤٤، ص ٢٨١.