التَّكَالِيفُ الصَّيفِيَّةُ

رسم:ورود خضر الموسويّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 164

الساعة الحادية عشرة والنصف ظهرًا هو موعد عودة عليّ من الدورة الصيفية، حيث توصله السيارة أمام باب منزله والتي تقلّه ذهابًا وإيابًا في الدورات الصيفية الثقافية والدينية، استقبلته والدته وهي فرحة به، لكن عليّ كان حزينًا، فسألته والدته: كيف كان يوم ولدي الشجاع؟ أجابها عليّ: لا جديد يا أمّي، فالوقت كلّه دروس وواجبات وتكاليف. فقالت: أحقًّا أيّها الشجاع الصغير؟ دعني أنظر في عينيكَ، فإنّهما حتمًا ستخبراني ما الذي أحزن ولدي الشجاع. احتضن عليّ والدته وأخذ يبكي ويردّد: هذا كثير جدًا يا والدتي، الوقت كلّه درس، تكاليف، حفظ، تسميع، وأنا في العطلة الصيفية، وهو الوقت الذي نرتاح فيه من الواجبات الدراسية والحفظ، بل هي مرحلة نلعب فيها، ونلتقي بأصدقائنا. أجابت الأمّ: وهل هو هذا السبب الذي أحزن ولدي الشجاع! دعنا نتناقش في الأمر بعد أن تغيّر ملابسكَ وتغسل يديكَ بالصابون، ونجلس سويًّا لنشرب عصير البرتقال الذي تحبّه. جلست الأمّ مع عليّ وقالت له: ما رأيكَ بهذا الكأس اللذيذ؟ قال عليّ: لذيذ جدًا يا أمّي، شكرًا جزيلًا لكِ. قالت الأمّ: اليوم كنتَ حزينًا وتعبًا جدًا من الدروس الصيفية التي تحضرها، لكن لا أجدها صعبة على ولدي الشجاع الذي اعتاد الحصول على أعلى الدرجات في المدرسة. قال عليّ: نعم، هي سهلة حقًا، لكنّني بحثتُ اليوم عن أصدقائي في المدرسة الصيفية ولم أجد أحدًا منهم، فهم يلعبون ويمرحون وأنا أدرس وأكتب. قالت الأمّ: حسنًا يا صغيري الشجاع، ما أعرفه عنكَ دائمًا وأبدًا أنّكَ مميّز، وحتى تنجح أدِ عملكَ بحبّ، فإذا أحببتَ عملكَ فسيكون مسلّيًا، على عكس التذمّر الكثير الذي يولّد لديكَ الكسل، وأنا ووالدكَ نعلم أنّكَ شجاع فاخترنا أن يكون اسمكَ من ضمن الطلبة الشجعان في هذه الدورة الصيفية. سمع عليّ كلام والدته، وأحضر حقيبته ليخرج منها دفاتر تكاليفه الصيفية قائلًا: شكرًا لكِ يا أمّي، بالفعل هناك فرق كبير بين أن أقضي وقتي بالتذمر والبكاء، أو أن أقضيه بشيء مفيد لي. قالت الأمّ: الشعور بسعادة الإنجاز هو نصيب المجتهدين الذين يصبرون على أداء مهامّهم، فيفرحون بنتائجهم الرائعة وينسون التعب. قال عليّ: سأكون صبورًا حينما يكون لديّ الكثير من التكاليف ولن أتذمّر. قالت الأمّ: أجل يا عليّ، فالصبر من علامات الإيمان، ونعلم أنّ الله (عزّ وجلّ) يمتحننا ليجعل إيماننا قويًا، وسيمنحنا الكثير من الهدايا على صبرنا، فإذا تذمّرنا فلن يكون لنا قدرة على العمل والتميّز.