لعنة الروتِينِ

زينب ناصر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 400

نظرتُ إلى الساعة، كانت تشير إلى الخامسة والنصف صباحًا، فنمت مرّة أخرى واستيقظتُ، كانت الساعة ما تزال تشير إلى الخامسة والنصف! قلتُ في نفسي: لا يزال الوقت مبكّرًا، ولم يطلع الضوء بعدُ، ومن المؤكّد أنّني أخطأتُ في المرّة الأولى، فنمتُ مرّة ثانية. عندما استيقظتُ كان الصباح قد طلع، لكنّ الساعة ما تزال تشير إلى الخامسة والنصف! كنتُ قد تأخّرتُ، فنهضتُ مذهولةً باستعجال، لم أتصوّر أنّ ساعتي قد توقّفت، فهي لم تعتد مراوغات كهذه من قبلُ، مثلما أنّني لم أتوقّع منها الخذلان! بعض الناس من حولنا كالساعة، هم بجانبنا دومًا بالرتابة والتنظيم المعتادين أنفسهما، يدورون حولنا بفائق الصبر حتى أنّنا لا نشعر بوجودهم، فيتحوّلون إلى شيء روتينيّ لا يستحقّ الالتفات، يمارسون اهتمامهم بنا بكلّ هدوء، من دون منٍّ ولا أذىً، ومن دون أن يشيروا يومًا إلى أنّ مخزون الطاقة لديهم آيل إلى النفاد، لكن وعلى حين غرّة يفاجئوننا بغيابهم وجه الصباح! اعرفي قدر أحبّائكِ من قبل أن تبلغ الساعة الخامسة والنصف.. فهكذا هي الحال بالنسبة إلى النِعم، فهي تغمرنا بكلّ رتابتها واستمرارها، ولا تترك لنا مجالًا للانتباه، إلّا إذا قرّرت يومًا من الأيّام الرحيل، عندها سنهرع مذهولين غير متوقّعين فقدانها بعد أن تعوّدنا أداءها بالعفويّة ذاتها في كلّ يوم. كلّ ما يحيط بنا من مؤهّلات الحياة في هذا العالم مؤشّر واضح على وجود لطف هائل، ومقدار غير متناهٍ من العطف والرعاية منذ الولادة حتى الوفاة، لكن تتفاوت الرؤى مترنّحةً بين الإيجابية والسلبية، وإذا استفحلت النظرة السلبية، فسيكون مصيرنا إلى الزوال والفناء من دون شكّ، فلا بدّ من تغيير الرؤية والنظر بعين أخرى، فالتذمّر الدائم لأتفه الأسباب يولّد طاقة سلبية تؤدّي إلى الانغمار في الكسل، والبُعد عن التفاعل، والانزواء، ثمّ الفشل مع مرور الأيام، ينبغي تعلّم مهارة حلّ المشكلات، والتعامل بإيجابية مع العثرات التي تظهر باستمرار في الطريق نحو تحقيق الأهداف التي تخلق التحوّل وتصنع النجاح. تتلخّص مفاتيح التغيير في النقاط الآتية: ١ـ الرغبة: لابدّ من أن يرغب الإنسان بالتغيير، وإلّا لن تستطيع قِوى العالم صرفه عمّا هو عليه. ٢ـ تفريغ الذهن والعقل من التعصّب: التعصّب المفرط تجاه أيّ قضيّة يولّد حالة من عدم التوازن الفكري، والذي ينعكس بدوره على الإنتاج، فيُبدع المرء في جانب، ويرتكس في جوانب عديدة. ٣ـ الثقة بالنفس: وذلك أن يعتقد المرء قاطعًا بقدراته على خلق التحوّل. ٤ـ العمل: من المهمّ أن نعلم بيقين ثابت أنّ خلق التحوّلات الكبيرة لا يحدث بالعلم وحده، بل بالعمل وإضافة شيء ملموس على الواقع الخارجي، وغالبًا ما يظهر ذلك للعيان، بينما يبقى العلم أو النيّة القلبية في التغيير قيد الكتمان، وتكون المأساة الكبرى عندما يحين موعد الرحيل، ولاتَ حين مناص!