الرَّسُولُ (صلى الله عليه وآله)

آلاء الخفاف
عدد المشاهدات : 210

للحروب قوانين وقواعد وموازين للنصر والخسران وفنون للقتال وآداب والأخيرة هي التي تبرز الجانب الإنساني للمقاتل، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله) من أبرز من تحلى بهذه الآداب في معاركه، وسنتناول أدب الرسول في الحروب عن طريق معركة خيبر. كلمة خيبر هي (حصن في اللغة اليهودية)، حيث هاجر اليهود بعد المسيح (عليه السلام) إلى الجزيرة ينتظرون النبيّ الموعود، ونزلوا في مواضع حول المدينة زرعوها، وكانت مقرّاً لحصون قديمة سميّت خيبراً. بعد أن أمن الرسول (صلى الله عليه وآله) جانب قريش في الصلح الذي تم في الحديبية قرر تأديب يهود خيبر الذين حرّضوا الأحزاب والقبائل على الرسول (صلى الله عليه وآله) وجعلوا من واحة خيبر مقراً لدس الفتن وإيقاع الأذى بالأمة الإسلامية وابتدأت المعركة ففتح المسلمون منها حصناً بعد حصن إلا الحصنين الأخيرين التي رغب أهلهما عن الصلح وفي ما يأتي مواقف الرسول (صلى الله عليه وآله) في معركة خيبر ودلالاتها في آداب الحرب: أولاً: الدعاء قبل الإغارة لما دنا النبي (صلى الله عليه وآله) من خيبر وأشرف عليها، قال قفوا فوقف الجيش وتوجّه إلى الله ليُرسل إلى قلوب الجنود ووجدانهم رسالة مفادها أنه مهما امتلكوا من قوة وبلغوا من سطوة فهم في حقيقة الأمر أذلّاء إلى الله فلا يغتروا ولا يعلوهم الكبر. ثانياً:أخلاقيات الإغارة على العدو إنه (صلى الله عليه وآله) أتى خيبراً ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يُغر عليهم حتى يصبح، وذلك حتى لا يفزع الأطفال والنساء والشيوخ أو تهيج الدواب، إنَّ هذه السنة الكريمة لم تكن لا قبل ولا بعد إلا في حروبه (صلى الله عليه وآله)، ومواقف أهل البيت (عليهم السلام)من بعده. ثالثاً: تكريم أصحاب الإيمان والمواهب وتحفيزهم على البطولة كان علي (عليه السلام) قد تخلّف عن النبي (صلى الله عليه وآله) في خيبر، وكان رمداً فقال أنا أتخلف عن النبي (صلى الله عليه وآله)!! فلحق به ولما كانت الليلة التي فُتحت فيها خيبر، قال النبي (صلى الله عليه وآله): "لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرّار غير فرار يأخذها عنوة".(1) رابعاً:العدل مع المغلوبين لما استسلم اليهود صالحهم الرسول وأعطاهم الأرض يعملون بها ويزرعونها، ولهم شطر ما يخرج منها. خامساً: توقير مقدّسات العدو لما دخل المسلمون أرض خيبر بعد النصر واستسلام اليهود وجد الصحابة صحائف متعددة من التوراة كانت قد وقعت فيما وقع من غنائم للمسلمين، فجاء اليهود يطلبونها فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) في سماحه بردها إليهم. هذه هي المُثل الإنسانية التي تجلّت في شخص الرسول (صلى الله عليه وآله) ولم تتوقف عند نقطة معينه بل وسعت كلّ المواقف حتى أصعبها. ................................. (1) غزوات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ص118. غزوة خيبر: ص175. آداب الحرب: ص176.