رياض الزهراء العدد 185 نور الأحكام
لا إِفرَاطَ ولا تَفرِيطَ
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ (الإسراء: 27). قال إمامنا الصادق (عليه السلام): "مَن أنفق شيئًا في غير طاعة الله فهو مبذّر، ومَن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد"(1). يُروى أنّه دخل ذات يوم مجموعة من الضيوف على إمامنا الصادق (عليه السلام)، فدعا لهم برطب، فأقبل بعضهم يرمي بالنوى، فقال (عليه السلام) له: "لا تفعل، إنّ هذا من التبذير، وإنّ الله لا يحبّ الفساد"(2). وقد مرّ نبيّنا (صلّى الله عليه وآله) على سعد وهو يتوضّأ، فقال له: "ما هذا السرف يا سعد!"، قال أفي الوضوء سرف؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): "نعم، وإن كنتَ على نهر جارٍ"(3). قد عدَّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أمورًا كثيرةً من السرف أو التبذير، منها: - "أن تأكل كلّ ما اشتهيتَ"(4) - "ابتذالكَ ثوب صونكَ"(5)، أي أن تلبس ثوب الصون في مكان العمل. - "إهراق فضل إنائكَ"(6). - "أكلكَ التمر، ورميكَ النوى ها هنا وها هنا"(7). وأخيرًا، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ (الفرقان: 67)، أي لا إفراط ولا تفريط، لا إسراف ولا بخل، بل المطلوب هو حالة الوسطية التي عبّر عنها تعالى بـ(القوام)، أي الاقتصاد والاعتدال في جميع الحالات. ............................................... (1) تفسير العيّاشي: ج2، ص288. (2) المصدر السابق نفسه. (3) المصدر السابق نفسه. (4) كنز العمّال: ج 15، ص 263. (5) الكافي: ج4، ص56، حديث 10. (6) وسائل الشيعة: ج5، ص51. (7) ميزان الحكمة: ج2، ص 1296.