إِشكَالِيَّةُ حَصرِ الأَئِمَّةِ في نَسلِ الإِمامِ الحُسينِ (عليه السلام)
(إنّما فضّل الرافضة الحسين على الحسن بحصر الأئمة في نسله لحبّهم الكبير له لمقاتلته يزيد، على خلاف الحسن الذي هادن معاوية). شبهةٌ أطلقها بعض المخالفين، متظاهرين بدفاعهم عن الإمام الحسن (عليه السلام)، فتلقّفها بعضهم مُشكِّكين في صحّة العقيدة الإمامية! والردّ عليها أوضح من الشمس وأبين من الأمس، إذ يعلم القاصي قبل الداني بأنّ المدرسة الإمامية تؤمن بالتنصيب الإلهي في الإمام لاشتراطها العصمة فيه، حتى أُطلِق عليها (مدرسة النصّ)، وذلك لمّا كان الله تعالى وحده العالم ببواطن الإنسان، ومن ثمّ بعصمته أو عدمها، فهو وحده مَن يملك تنصيب الإمام، في قِبال (مدرسة الشورى) التي تؤمن بتنصيب المسلمين الإمام. لذا فإنّ أتباع المدرسة الإمامية لا يد لهم في ذلك، بل ما عليهم إلّا التسليم التامّ لحكم الله تعالى دونما أدنى اعتراض أو تردّد. فعن محمّد بن أبي يعقوب البلخي، أنّه قال: سألتُ أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، فقلتُ له: لأيّ علَّة صارت الإمامة في وُلد الحسين (عليه السلام) دون وُلد الحسن (عليه السلام)؟ فقال: "لأنّ اللّه (عزّ وجلّ) جعلها في وُلد الحسين (عليه السلام) ولم يجعلها في وُلد الحسن، واللّه لا يُسأَل عمّا يفعل"(1). لقد ذكرت بعض النصوص الروائية الحكمة من ذلك، منها ما رُوِي عن هشام بن سالم قال: قلتُ للصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام): ...فكيف صارت الإمامة من بعد الحسين في عَقِبه دون وُلد الحسن؟ فَقَالَ: "إنّ اللّه (تبارك وتعالى) أحبّ أن يجعل سُنَّةَ موسى وهارون جاريةً في الحسن والحسين (عليهما السلام)، ألا ترى أنَّهما كانا شريكين في النبوّة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة، وإنّ اللّه (عزّ وجلّ) جعل النبوّة في وُلد هارون ولم يجعلها في وُلد موسى وإن كان موسى أفضل من هارون (عليه السلام)..."(2). وهناك روايات ذكرت أنّ ذلك لأجل تعويض الإمام الحسين (عليه السلام) من قتله الذي قُتِل به في سبيل الله تعالى، فعن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) أنّهما قالا: "إنّ الله عوّض الحسين (عليه السلام) من قتله أنّ الإمامةَ من ذرّيته..."(3). ثم إنّ الشيعة يعتقدون بإمامة الأئمة كلّهم أجمعين، وأنّهم مُفترضو الطاعة؛ لإيمانهم بعصمتهم وبعلمهم بمصلحة الدين والمسلمين، بل يعتقدون لو أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) حلّ محلّ الإمام الحسن لما اختار إلّا المهادنة، ولو كان العكس لما اختار الإمام الحسن (عليه السلام) إلّا المواجهة؛ لأنّ نورهم واحد وهدفهم واحد، وإن تفاوتت طريقة مواجهتهم أعداءهم. ..................................... (1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ص236. (2) كمال الدين وتمام النعمة: ج2، ص416. (3) وسائل الشيعة: ج14، ص423.