الغَضَبُ آفَةٌ مُهلِكَةٌ

آمال شاكر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 796

لكلّ باب مفتاح، ومفتاح الشرّ هو الغضب، وهو جند من جنود إبليس، يستعمله لإيقاع الإنسان في المهالك، لهذا يقول الإمام الباقر (عليه السلام): "إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان، تُوقد في قلب ابن آدم، وإنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه، وانتفخت أوداجه، ودخل الشيطان فيه"(١). ونجد القرآن الكريم يمتدح مَن يكظمون غيظهم، ويتّصفون بالحلم، فقد قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾ (آل عمران:134)، فالغضب يعني أن لا يملك الإنسان سلطةً على نفسه، أو التحكّم في عقله لحظة الغضب، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "مَن لم يملك غضبه، لم يملك عقله"(٢). ففي أكثر لحظات الغضب يتّخذ الإنسان قرارات غير صائبة، ويندم بعدها؛ لأنّ العقل والفكر يزولان حين اشتعال نار الغضب، مثلما أنّ الأعصاب والعضلات إنّما تتحرّك عند الغضب في مسار بحيث تفرز بعض الخسائر والأضرار التي لا يمكن تلافيها طوال العمر، وعليه لابدّ من المسارعة إلى‌ إطفاء جذوة هذه الشعلة الشيطانية بعد محاصرتها، والحدّ من نفوذها، وإلّا ابتلعتنا وأحرقتنا بكلّ يسر وسهولة. أجل، في ساعة الغضب لا ينبغي أن تعزمي على شيء وتتحرّكي على مستوى الانتقام والعقاب، ولا تتحدّثي من منطلق الانفعال، بل عليكِ الابتعاد عن المكان الذي انفعلتِ فيه لتعيشي أجواءً أخرى غير أجواء العنف(٣)، ولهذا نجد أهل البيت (عليهم السلام) يحذّروننا من الغضب لأضراره الجسيمة، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لعبد الله بن عبّاس عند استخلافه على البصرة أنّه قال: "...وإيّاكَ والغضب، فإنّه طيرة من الشيطان"(٤). ولا تقتصر آثار الغضب على الفرد وحده، بل تتعدّاه إلى المجتمع، فمن الآثار المهلكة له: (انطلاق اللسان بالشتم والسبّ، وإظهار السوء، والشماتة بالمساءة، وإفشاء الأسرار، وهتك الأستار، والسخرية والاستهزاء، وغير ذلك من قبيح الكلام الذي يستحي منه العقلاء، وتوثّب الأعضاء بالضرب والجرح والتمزيق والقتل، وتألّم القلب بالحقد والحسد والعداوة والبغض، وممّا تلزمه الندامة بعد زواله، وعداوة الأصدقاء، واستهزاء الأراذل، وشماتة الأعداء، وتغيّر المزاج، وتألّم الروح، وسقم البدن، ومكافأة العاجل، وعقوبة الآجل)(٥). فعلى كلّ عاقل أن يعالج هذه الرذيلة الأخلاقية عنده حتى يقي نفسه من المهالك. ......................... (1) ميزان الحكمة: ج ٣، ص ٢٢٦٥. (2) المصدر السابق: ج ٣، ص2266. (3) بتصرّف من كتاب دروس في الحياة: ص ١٨. (4) نهج البلاغة: ج3، ص136. (5) جامع السعادات: ج 1، ص 197.