الحَرَكَةُ الاِمتِدَادِيَّةُ

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 131

مضمون السؤال: ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) دائمًا وأبدًا تُعرف على أنّها مناسبة لتعميق الصلة مع الله (عزّ وجلّ) ومع الإمام (عليه السلام) نفسه، ودائمًا تكون الحركة حركة دائرية بالنسبة إليّ بصفتي فتاة جامعية، فأحتاج إلى أن أسير بحركة امتدادية وليست دائرية لإيصال مفهوم أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الفتيات، فهل لكم من مقترحات في هذا الشأن؟ مضمون الردّ: علينا أن نعرف أنّ المدّة الزمنية الفاصلة بين يوم عاشوراء وبين أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) مدّة متميّزة من السنة، حيث إنّ هناك سرًّا بين الأعداد والآثار، لهذا نرى العدد له تأثير وله خصوصية، فألزمنا ربّ العالمين به، فقال تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ (الأعراف:142)، فهناك ميقات إلهي وقع بعد تمام العدد أربعين، فنفهم من ذلك أنّ هذا العدد فيه خصوصية؛ لذا في هذه المدّة الزمنية ما بين يوم استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وبين أربعينه توجد حركة فكرية، فلتقرأ المرأة المؤمنة سيرة سيّد الشهداء (عليه السلام) وكيف كانت حياته، كيف كان سلوكه مع الناس وتعامله مع الفقراء؛ لتجعل كلّ عملها بداعي الامتثال للأمر الإلهي، فحياة أحدنا تشبه شخص يدور حول دوّار ستين مرّة، لا يمشي في الطريق المستقيم ليكتشف الأشياء الأخرى الجميلة، بل يتحرّك بشكل دائري مكرّر من الصباح إلى المساء، وقد تمضي السنون وهو لا يزال يحوم في دائرة مغلقة، لا يعرف ما وراء الستار أبدًا، وبعد أن يذهب عن هذه الدنيا، يُكشف له الغطاء: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ (ق:22)، أي نرى كلّ شيء، لكن ويا للأسف بعد فوات الأوان! إذن، علينا أن نحوّل الحركة الدائرية إلى حركة امتدادية؛ لنصل في يوم من الأيام إلى ما ينبغي أن نصل إليه بمنّ من الله تعالى وكرمه، فالحرّ بن يزيد الرياحيّ كان في حركة دائرية مغلقة، لقد أرعب قلوب الهاشميّات، لكن بهمّة وعزم قطع الطريق الدائري، وإذا به في غضون نصف نهار أو أقلّ، يتحوّل إلى أعلى عليّين! تبدأ الحركة الامتدادية عن طريق العمل، ونضع لها عنوان (أربعينية العمل)، فكم من الجميل أن يشكر كلّ مؤمن الله تعالى على توفيقه لإحياء ذكر الإمام الحسين (عليه السلام) في العشرة الأولى، فتكون هذه الأربعينية وفاءً وشكرًا، فيعاهد ربّه على ترك المعاصي والذنوب من باب الاقتداء بالإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، وذلك لأنّ النفس لا تتحمّل الالتزام بالطاعة طوال السنة، فيخادع المرء نفسه فيقول: يا نفس، تحمّلي الطاعة أربعين يومًا فقط، ويضاعف الجهود أيام عزاء أهل البيت (عليهم السلام)؛ لتتحوّل الطاعة عنده إلى ملكة، وعلامة من علامات صلاحه واستقامته.