المُبادَرَةُ

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 130

تُعدّ روح المبادرة إحدى أهمّ الركائز الرئيسة لنيل المطالب السامية واعتلاء صهوة النجاح، ومن المُلاحظ جليًا أنّ مَن يتّصف بهذه المَلكَة المتميّزة، ستضفي على جوانب حياته العديد من المواقف الاستثنائية التي تجعله حديث الساعة أينما حلّ وكان. الشخص المُبادِر لن يثنيه شيء عن تقديم كلّ ما يستطيع، وإن لم يستطع فستجده لا يألو جهدًا في القيام بربط الأشخاص أو الجهات بعضها ببعض لتصل الفائدة إلى مَن يحتاجها، ولن يغمض له جفن إلّا بعد أن يتأكّد من قضاء حاجة المحتاج، وحين العروج قليلًا على صفات القائد الناجح، فستلوح لنا في الأفق صفة المبادرة، فهي من أبرز سمات القيادة، فكيف لنا أن نتخيّل قائدًا بلا روح المبادرة؟ أو كيف يكون القائد متواكلًا ومعتمدًا على مبادرات الآخرين؟ بالطبع لن يستحقّ هذا اللقب الكبير. وعند توسعة الدائرة أكثر، نرى أنّ تطوّر المجتمع ورقيّه يكون بزيادة أعداد المبادرين فيه، فنحن نحتاج إلى قَدْح سريع للأفكار المنبثقة من شعور الانتماء، فيبادر المرء إلى وضع خطّة مبنيّة على فكرة تسهم في معالجة قضايا مجتمعية سائدة في أيّ جانب من جوانب الحياة المتعدّدة، متّشحة بالمرونة المطلوبة لسهولة التنفيذ، بدون التشبّث بالآراء التي تؤدي إلى عرقلة جريان سيل المبادرات العارم، كي لا تصطدم بجدار الرفض والمصالح الشخصية فتبدأ بالتلاشي، فالمجتمع متعطّش للتغيير الإيجابي، وعلى مَن يملك زمام المبادرة أن لا يتوانى عن تقديم كلّ ما بحوزته من أجل ترميم ما هو متهالك فيه، وجعله يصل إلى أبهى صورة وجوهر. ومن ضمن سلسلة المهارات الحياتية المهمّة لتطوير الفرد والمجتمع على سبيل المثال لا الحصر، مهارتا الإقناع والتفاوض، وكذلك إدارة النزاعات، وتصميم الهدف الاستراتيجي الناجح، وكلّ ذلك لا يتمّ بلا روح للمبادرة، فأيّ نقطة ممّا سبق لو أنّها بقيت في دائرة التفكير والتمنّي فقط، فلن يصل الإنسان إلى أيّ مكان، بل سيجمد على حاله إلى أن يتمّ الضغط عليه ربّما من الخارج ليتحطّم الجدار الشالّ عن الحركة بصورة أو بأخرى. الشريعة الإسلامية السمحة تحفّزنا دومًا على أن نكون مبادرين ومنتجين، لا أن نكون مستهلكين ومُجترّين لما هو موجود فقط، فعلى الإنسان أن يبادر ويغتنم الفرص المتاحة، ويسارع في إتيان الأعمال الصالحة، مثلما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (آل عمران: 114)، وليكن شعارنا قول الإمام الباقر (عليه السلام): "مَن هَمَّ بشيء من الخير فليعجّله، فإنّ كلّ شيء فيه تأخير فإنّ للشيطان فيه نظرة "(1). ............................................. (1) وسائل الشيعة: ج1، ص113.