رياض الزهراء العدد 185 ركائز الإيمان
"لَيسَ مِن شِيعَتِنا..."
في مقالات سابقة تمّ بيان أهمّية محاسبة النفس، وروايات أهل بيت العصمة (عليهم السلام) مثلما أكّدت على أصل الموضوع، فكذلك أشارت إلى حيثيات مهمّة من قبيل وقت المحاسبة، وفائدتها، والهدف والغاية منها، وكيفيتها. والوصية السابقة للإمام الصادق (عليه السلام) إلى عبد الله بن جندب: "يا بن جندب حقّ على كلّ مُسلم يَعرفنا أن يعرض عمله في كلّ يوم وليلة على نفسه،..."(1) ربطت بين محاسبة النفس وبين اتّباع أهل البيت (عليهم السلام)، وبيّنت أنّ (على كلّ مسلم يعرفنا وينتمي إلينا ويريد أن يأخذ برنامج حياته منّا أن يُحاسب نفسه، ويراقب أعماله)(2). والتشيّع لأهل البيت (عليهم السلام) يعني أن يكون المحبّ متخلّقًا بأخلاقهم، وأن يعمل بتعاليمهم ووصاياهم. وهناك رواية عن الإمام الكاظم (عليه السلام) تؤكّد هذه العلاقة: "لَيسَ مِنّا مَن لَم يُحاسِبْ نفسَهُ في كُلِّ يَومٍ..."(3). والملاحظ أنّ هذا التعبير أي (ليس منّا، أو ليس من شيعتِنا) قد ذُكِر في الروايات بشأن مواضيع مختلفة، والجامع بينها أنّها في غاية الأهمّية، منها: - الاقتداء العملي: فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "لَيسَ مِن شِيعَتِنا مَن قالَ بِلِسانِهِ وخالَفَنا في أعمالِنا وآثارِنا"(4). - عدم الغضب: فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "يا شِيعَةَ آلِ محمّدٍ، إنّهُ لَيسَ مِنّا مَن لَم يَملِكْ نفسَهُ عِندَ الغَضَبِ، ولَم يُحسِنْ صُحبَةَ مَن صَحِبَهُ"(5). - عدم الأمانة: فعن رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "لَيسَ مِنّا مَن خَانَ بالأمانَةِ"(6) - توقير الكبير ورحمة الصغير: فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "ليسَ مِنّا مَن لَم يُوَقِّرْ كبيرَنا ويَرحَمْ صَغِيرَنا"(7). - آداب الجوار: فعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "ليسَ مِنّا مَن لَمْ يأمن جارُهُ بَوائقَهُ"(8). إذن محاسبة النفس في هذا السياق يعني أنّ الموضوع من الأهمّية بحيث أنّ مَن لم يحاسب نفسه ويواظب على تأديبها، لم تربطه بأهل البيت (عليهم السلام) أيّة صلة، وإن ادّعى ذلك فهي علاقة صوريّة، بينما المطلوب أن تكون العلاقة حقيقية، ومن ثمّ فمَن أراد أن يكون في زمرتهم ومن أتباعهم، فعليه أن يتحلّى بهذا الخُلق، بحيث تكون محاسبة النفس من أعماله اليومية. ............................. (1) ميزان الحكمة: ج3، ص82. (2) راجع وصايا الإمام الصادق للسالك الصادق، للمصباح اليزدي: ص34. (3) ميزان الحكمة: ج4، ص 514. (4) المصدر السابق: ج6، ص 118. (5) المصدر السابق: ج6، ص 106. (6) المصدر السابق: ج3، ص 538. (7) المصدر السابق: ج6، ص 106. (8) المصدر السابق: ج2، ص 400.