بِذِكْرِهِ سَكَنَ أَنِينُ قَلْبِي

نور علي عمران
عدد المشاهدات : 139

وصلت إلى المشفى وأنا على بعد خطوات من الموت، فقد تعسّرت ولادتي وكنت أرى الموت بعيني.. وبعد جهود الأطباء أنجبت ولدي، ولكن حالته كانت خطيرةً وأنه سيموت بعد أيام، هذا ما أكده الطبيب المشرف عليه، لكني بقيت متمسكة بأمل يكاد يكون خيالياً، وبعد أيام اختفى ذلك الأمل مع قول الطبيب لي: إنّ ابنك على وشك الموت، فقد بدأت نبضات قلبه بالاختفاء تدريجياً، فنظرتُ إلى أمي التي كانت واقفةً بجانبي، وقلتُ لها: أمي أرجوك ماذا أفعل؟ قالت ودموعها تتساقط على وجنتيها: فلنذهب إلى باب الحوائج (موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام))، فليس أمامنا أمل سواه، فاحتضنتُ ولدي وأنا أشعر بروحي تخرج مع أنفاسه البطيئة، فدخلتُ إلى الصحن الشريف ولم تجفّ عيناي من الدموع، وقفتُ أنظر إلى الضريح من بعيد، ودخلت أمي مع ولدي لتطوف به وأنا أنظر إليهما من بعيد، ولا أعلم لماذا تذكرت في تلك اللحظة سيّدي ومولاي أبا الفضل العباس (عليه السلام) إذ جاء ذكره كطائر يرفرف في مخيّلتي تحمله نسمات الربيع؛ ليسكِّن بذكراه أنين قلبي، للحظات تذكرت ما حدث في كربلاء، تذكرت السيدة رقيّة (عليها السلام) وأطفال بني هاشم وهم يلوذون حول قمر العشيرة (عليه السلام)، فقد كان حاميهم وكافلهم، نظرت إلى الضريح وقلت: (يا باب الحوائج بحقك عند الله وبحقّ عمك العباس (عليه السلام) أريد شفاء ولدي) ونذرت لله أن أسميه عباساً إن شُفي، لا أعلم كم من الوقت مضى وأنا ابكي، وإذا بي أرى أمي قادمةً من بعيد وهي تصرخ لقد تعافى ولدك بكرامة من الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، شعرت برجفة في جسدي ونظرت إليه وكان بأتم العافية، وكان ينظر إليّ بعينيه الصغيرتين وكأنه يكلمني، وكأن روحي التي سلبت مني عادت إليَّ مرة أخرى، فعدت به إلى المشفى وتعجب الأطباء من ذلك ولم يجدوا تفسيراً لحالته سوى دموعهم والصلوات التي كانت تتعالى من شفاههم.