المَرأَةُ كِيانٌ كَامِلٌ

يقين نعمة الغالبي/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 163

المرأة في اللغة العربية تعني أنثى الإنسان البالغة، وقد اهتمّ القرآن الكريم بالمرأة وبكرامتها الإنسانية, وقد جعلها الله (عزّ وجلّ) في مستوى الرجل في الحظوة الإنسانية الرفيعة, بينما كانت في كلّ المجتمعات سواء المتحضّرة والمتخلّفة مهمّشة لا شأن لها في الحياة سوى كونها مربّية ومدبّرة الأمور المنزلية، فجاء الإسلام وأخذ بيدها إلى حيث مستواها الرفيع الموازي لمستوى الرجل في المجال الإنساني الكريم، فقال تعالى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ (النساء:32). في الحقيقة أنّ الاختلاف في التعامل مع المرأة من متطلّبات الحياة، إذ لو نرجع إلى خصائص المرأة، فسنجدها مختلفة عن الرجل، فالمرأة هي التي قال عنها أمير المؤمنين (عليه السلام) في رسالة له إلى الإمام الحسن (عليه السلام): "لا تملك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها، فإنّ ذلك أنعم لحالها، وأرخى لبالها، وأدوم لجمالها، فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة"(1)، والريحان هو كلّ نبات طيّب الرائحة، مفرده (ريحانة)، والمرأة تلك القارورة الرقيقة مثلما وصفها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فالتعامل معها له أسس وقواعد، وقد بيّن الإسلام ما تحتاج إليه بتفصيل دقيق وفلسفة عميقة، لكن حتى هذه اللحظة يجهل بعض المسلمين تلك الحقائق! ففي وسط بعض المجتمعات المسلمة، لا تنال المرأة ما أوصى به الدين الإسلامي بشأنها، فبعض الرجال وضعوا قواعد لأنفسهم بحسب أمزجتهم، وركنوا النساء على رفوف الصبر لينلنَ بذلك أجرًا عظيمًا بزعمهم، فمن فضل الإسلام على المرأة أنّه كرّمها، وأكّد على أهليتها للتكليف، وتحمّل المسؤولية، ونيل الثواب ودخول الجنّة، وعدّها إنسانًا كريمًا، لها كلّ ما للرجل من حقوق إنسانية؛ لأنّهما فرعان من شجرة واحدة، ولدهما أب واحد هو آدم (عليه السلام)، وأمّ واحدة هي حوّاء (عليها السلام)، فهما متساويان في أصل النشأة، متساويان في الخصائص الإنسانية العامّة، والتكاليف والمسؤوليات، والجزاء والمصير، وفي ذلك يقول القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (النساء:1)، فتقع على عاتق المرأة مسؤولية كبيرة وعظيمة قد شرّفها الله تعالى بها، فجعل منها المربّية الأساسية للأجيال، لذا عليها السعي الدائم لنشر الثقافة الإسلامية، والتصدّي للآفات الأخلاقية والفكرية المنتشرة، وتحصين أبنائها بالمعرفة والإيمان في ظلّ انتشار الفساد في المجتمعات، وأن تنهل من سيرة أهل البيت (عليهم السلام) الدروس والعِبر، ومنهجًا لحياتها، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الجميع بلا تعيين، فكلٌّ يعمل بحسب موقعه بالإمكانات المتاحة لديه. .................................... (1) الكافي: ج5، ص510.