أَعَزُّ مِن الوَلَدِ وَلَدُ الوَلَدِ
التربية مهمّة صعبة على الوالدين، وقد تكون المهمّة الأصعب؛ لأنّ الآباء والأمّهات عليهم إنشاء جيل سليم لكونه أحد ركائز مستقبل الأمّة، لذا وبكلّ تأكيد سيواجه الوالدان مشاكل كثيرة، وصعوبات متنوّعة في أثناء تنشئة أطفالهم. ومن أكثر الأمور انتشارًا هو تدخّل الأجداد في تربية الأحفاد، فهناك شدّ وجذب كبير يحدث بين العوائل بسببه، ويقع الأطفال ضحيّته، ولا يمكن تصنيفه على أنّه مشكلة، فللأجداد مكانة خاصّة في حياة الأحفاد، فهم الملاذ والملجأ الحاني إذا ما قسا عليهم الآباء؛ لكن قد يكون تدخّلهم في تربية الطفل مصدرًا لانزعاج الوالدين نظرًا لدلالهما الزائد للحفيد، ورغبتهما الدائمة في التجاوز عن أخطائه، هنا يأتي الدور البارز للأمّ، إذ عليها أن تتحلّى بالهدوء والحكمة لجعل جميع المواقف المزعجة تصبّ في مصلحة طفلها، وتهوّن الصعاب، فالتعامل مع كبار السنّ يحتاج إلى قدر كبير من سعة الصدر والهدوء، وهذا الهدوء سينعكس بدوره على حياة الأسرة كلّها. بعض المجتمعات تهتمّ بتهيئة الأمّ نفسيًا، وجسديًا، وروحيًا، قبل أن تخوض تجربة الحمل والولادة؛ لأنّ التربية ليست بالأمر الهيّن، وأغلب مسؤوليتها تقع على عاتق الأمّ؛ لأنّها الأقرب إلى طفلها. فلماذا تلجأ الأمّ إلى الخبراء النفسيّين في حين لديها إرث كبير يحمل القِيم الدينية، والأخلاق الإسلامية؟ فيمكن الاستفادة من خبرات الأجداد، وتوظيف حبّهم للأبناء من أجل إتمام عملية تربية الأطفال، وتنشئتهم بنجاح؛ لأنّ الأجداد هم الأكثر حرصًا على الأطفال من أيّ شخص آخر، وسوف يتعلّم منهم الأطفال أصول دينهم، وعاداتهم وتقاليدهم وسلوكهم الحَسَن. وفي المقابل يجدر بالأجداد إفساح المجال أمام أبنائهم للقيام بواجباتهم تجاه الأسرة الجديدة الناشئة، والحفاظ على استقلاليتها واحترام خصوصياتها. وأخيرًا، علينا معرفة أنّ الأجداد يحبّون الأحفاد كثيرًا، وهذا الحبّ يدفعهم إلى التدخّل في تربيتهم بشكل أو بآخر، أي إنّ الأمر ليس له علاقة بمضايقة الوالدين بأيّ شكل من الأشكال، فهو أمر فطري، ولا يجب فهمه بشكل خاطئ.