قَاسِمٌ وَالرَّجُلُ الكَبِيرُ

زهراء خضر الموسويّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 365

كانت ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) على الأبواب، وكعادته في كلّ عام، ذهب قاسم ذو السبع سنوات مع والده إلى موكب العائلة الكبير. بدأ قاسم وأبوه يومهما بخدمة زوّار الإمام الحسين (عليه السلام)، فالتزم قاسم بمهمّة توزيع الماء على المشاة إلى زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ممّن أصابهم العطش والتعب، وبكلّ حماس بدأ ينادي: (اشربوا الماء، واذكروا العطشان الشهيد)، هذا ما علّمه إياه أبوه. كان قاسم الصغير يقوم برمي صندوق الماء الفارغ على حافّة النهر ويحضر آخر مليئًا، فانتبه لتصرّفه رجل كبير من المشاة من بعيد، وبهدوء تقدّم نحو قاسم وهمس في أذنه بصوت يملؤه الحبّ والحرص معًا قائلًا: أنتَ لا تريد أن يحزن الإمام الحسين (عليه السلام) من تصرّفكَ، صحيح؟ استغرب قاسم من كلام الرجل الكبير، وقال له ومعالم الدهشة تملأ وجهه الصغير: ولِمَ يحزن منّي؟ فأنا لم أفعل شيئًا سوى توزيع الماء على زوّاره يا عمّ! بوجه تملؤه البسمة، قال الرجل لقاسم: إنّ رميكَ للنفايات في غير مكانها المخصّص، هو فعل يملأ قلب الإمام الحسين (عليه السلام) بالحزن، فنحن لا نخدم زائريه فحسب، بل نقتدي به، ونمثّل تعاليم ديننا الحنيف، ومن أجل أن نعبّر عن حبّنا له، علينا أن نكون خير مثال للمسلم يا صغيري. شكر قاسم الرجل الكبير، وانطلق مسرعًا ليجمع النفايات ويرميها في المكان المُخصّص لها، وأخذ عهدًا على نفسه بأن يلتزم بتنظيف المكان، وأن يقوم بنقل أفضل صورة عن خدّام الإمام الحسين (عليه السلام).