رياض الزهراء العدد 185 أروقة جامعية
لِلحَياةِ لُغَةٌ أيضًا
الحياة هي المدرسة المتخمة بالدروس، تمنحكِ الدرس مجّانًا، لكنّها تصفعكِ بقوّة إن رسبتِ به مرّة، تُسيء إليكِ ربّما لتُفهمكِ معنى الإصرار على التحمّل، وتزرع مخالب الألم في رغبتكِ لِتُنبئكِ بحكاية الصبر، راهني بما شئتِ عليها، لكنّها لن تلين يومًا، تعيركِ المحطّات لتأخذ منكِ الانتظار، وتمنحكِ العطر لتضيّع منكِ النوافذ لاحقًا، تدلّكِ على اللافتات، لكنّها تقوّض المسافات. الحياة مدينة الخوف الغامضة، وخيار الرحلة البعيدة، قد تلهمنا الصعاب، وتهدينا الخذلان، وقد تقدّم لنا كؤوس الصبر، لكنّنا نجرعها بمرارة الترقّب، ثم إنّها باقية في مسيرها مثلما هي، وأنتِ الوحيدة التي تؤدّين دور المتغيّر، تسرق منكِ الخبرة، ثم تجدين عند إحدى مفترقاتها نضجًا جليًّا، تعبث بأشيائكِ الثمينة، لكنّها تُعيد ترتيبكِ في درب جديد. الحياة مدرستكِ العنيدة، وأنتِ تلميذتها المشاغبة، تهربين كثيرًا من حصص غير مفهومة، لكنّكِ ستجدين تفسيرها يومًا ما في ضواحي الفصول، ستحاول أن ترشدكِ إلى الهزيمة، لكنّها ربطت في عنق إصراركِ الأمل، تحدو بخوف أحيانًا، وعلى الرغم من أنّكِ حفظتِ الدرس، لكنّكِ تظلّين لسنوات تكرّرين فنّ التعامل معها، هي ليست صعبة، وليست سهلة بتاتًا، جميعنا نُعاني من عنادها، وفي نهاية المطاف ندرك ثقل التجربة، ونتخطّى حدود المعاني، عسى أن نفهمها، أو نظلّ معها على خصام، ولعلّ الخصام أيضًا في طياته إنذار لكثير من المشاعر التي تعلّمنا الحياة أنّ هدرها في غير وقتها ندامة.