رياض الزهراء العدد 78 همسات روحية
الصدّيقَةُ الطّاهرَةُ.. مِرآةُ الحياةِ وحَياةُ المَرأة
الابنة: الدور الثاني للسيدة فاطمة الزهراء (صلوات الله تعالى عليها) كان دور الابنة, حيث كانت بالفعل تلك البنت البارة بوالدها والمصاحبة إليه في سرائه وضرائه, المساندة له في مواجهة أعداء الدين, الحانية والعطوفة والمُحبّة؛ ولذا كنّاها والدها (صلى الله عليه وآله) بأمّ أبيها, وهذا ما نراه جلياً في مواقف متعددة، منها على سبيل العد لا الحصر: روى أهل الحديث أنّ النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وعمرو بن العاص، عهدوا إلى سلا جمل فرفعوه بينهم ووضعوه على رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ساجد بفناء الكعبة، فسال عليه، فصبر ولم يرفع رأسه، وبكى في سجوده ودعا عليهم، فجاءت ابنته فاطمة (عليها السلام) وهي باكية فاحتضنت ذلك السلا، فرفعته عنه، فألقته وقامت على رأسه تبكي.. وإنه لمّا جُرح النبيّ (صلى الله عليه وآله) يوم أحد جعل عليّ ينقل له الماء في درقته من المهراس ويغسله، فلم ينقطع الدم، فأتت فاطمة وجعلت تعانقه وتبكي وأحرقت حصيراً وجعلت على الجرح من رماده، فانقطع الدم. وعن أبي أيوب الأنصاري قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)مرض مرضة، فأتته فاطمة (عليها السلام) تعوده وهو ناقه من مرضه، فلمّا رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الجهد والضعف خنقتها العبرة حتى جرت دمعتها على خدها... ومن احترامها وتقديرها لأمها أنه رُوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزله, فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها، وهي تقول: والله يا بنت خديجة ما ترين إلا أنَ لأمك علينا فضلاً, وأيّ فضل كان لها علينا؟! ما هي إلا كبعضنا, فسمع مقالتها لفاطمة، فلما رأت فاطمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكت, فقال: ما يبكيكِ يا بنت محمد؟! قالت: ذكرتْ أمي فتنقّصتها فبكيت..."(1) لذا نجد ما رُوي عن الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ثعلبة الخشني قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رجع من غزاة أو سفر أتى المسجد فصلّى فيه ركعتين، ثم ثنّى بفاطمة، ثم يأتي أزواجه, وبسنده عن ابن عمر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهداً فاطمة. ............................ (1)بحار الأنوار: ج16، ص3.