اِستِنهاضُ الإِمامِ المُنتَظَرِ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)

د. اسراء العكراوي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 185

مرّت البشرية بمحن وويلات وحروب طاحنة تعصف بها، وتطحن برحاها المسلمين، فتسحق كرامتهم، وتسفك دماءهم، وتجتاح بلادهم، وهم قلّة مستضعفون، أو كثرة متفرّقون، تجعل قلب الموالي يُعتصر ألمًا، ويقطر دمًا، فلا يرى أملًا في انتهاء الجور والظلم إلّا بظهور حجّة الله الإمام المهديّ المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف). لذا عمد بعض الشعراء منهم السيّد حيدر الحلّي(رحمه الله)* إلى استنهاض الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بقصائد مشوبة بالحرقة، استنهاضًا يرجوه بأن يظهر ليقيم العدل. واشتهرت قصيدته الخالدة: (الله يا حامي الشريعة)، فيخاطب الإمام بوصف الحال، وذكر المصائب والأهوال، وأولها استضعاف المتمسّك بدينه، والابتعاد عن تعاليم الشريعة، فعبّر عنها الشاعر بـ(الرَوع)، وهو الخوف والرهبة، وجاء ذلك في مطلع القصيدة: اللهُ يَا حَامِي الشرِيعة أَتَقَرُّ وَهيَ كَذَا مَرُوعَه مَاتَ التَّصَبُّرُ بِانْتِظَا رِكَ أَيُّهَا المُحْيِي الشَّرِيْعَهْ كَمْ ذَا الْقُعُوْدُ وَدِيْنُكُمْ هُدِمَتْ قَوَاعِدُهُ الرَّفِيْعَه تَنْعَى الفُرُوْعُ أُصُوْلَه وَأُصُوْلُهُ تَنْعَى فُرُوْعَهْ والأمر الآخر الذي يندب به الشاعر الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) هو استعداد المؤمنين لنصرته، والجهاد بين يديه، وقد أخذ هذا الأمر حيّزًا من القصيدة، بل نلحظ أنّ هذه الحماسة قد طغت بكثرة في قصائد السيّد الحلّي التي أنشدها بحقّ الإمام الحجّة، إذ يقول: تدعو وجُرد الخيلِ مُصغيةٌ لدعوتِها سَميعَه وتكادُ ألسنةُ السيوفِ تُجيبُ دَعوتَها سَريعة والوسيلة الثالثة التي استخدمها الشاعر في استنهاض الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) هي التذكير بمصائب أهل البيت ، بخاصّة مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام)، والأخذ بثأره من ظالميه وقاتليه، ويرفق ذلك بالتعجّب من صبر الإمام على تحمّل هذه الرزية، فيقول: ماذا يهيجكَ إن صبرتَ لوقعةِ الطفِّ الفَظيعه أترى تجيء فجيعةٌ بأمضَّ مِن تلكَ الفَجيعة حيثُ الحسينُ على الثَّرى خَيلُ العدى طَحَنتْ ضُلوعه ورَضيعُهُ بدمِ الوريدِ مُخَضّبٌ فاطْلُبْ رَضيعَه هذه التفاصيل المؤلمة التي أوجعت قلب الإمام (عليه السلام) وجعلته يطلب من السيّد حيدر الحلّي الكفّ عن قراءة القصيدة بمحضره بحسب القصّة الشهيرة التي ما تزال تحرق قلوب المنتظرين الذين ضاقت عليهم الدنيا بغياب شمس الحقّ والعدالة الإمام المهديّ المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف). ........................................ (*) هو السيّد حيدر بن سليمان بن داود بن سليمان بن داود بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) الحسينيّ الحلّي, وُلِد بقرية (بيرمانة) في مدينة الحلّة في 15 من شعبان سنة 1246ه‍، الموافق لـ: 28/2 /1830م, وتعدّ حوليّاته بشأن الإمام الحسين(عليه السلام) من أشهر أشعاره. توفّي في مسقط رأسه – الحلّة - عشيّة الأربعاء في الليلة التاسعة من ربيع الثاني سنة 1304ه‍، عن عمر 59 سنة, ودُفِن في النجف الأشرف في الجهة الشمالية من الصحن الحيدريّ الشريف.