مَهرَجانُ الكَرَمِ السَّنَويّ في عُيونِ العَالَمِ...

مروة راضي الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 281

مَهرَجانُ الكَرَمِ السَّنَويّ في عُيونِ العَالَمِ الأَربَعونَ الحُسَينيُّ: بَوصَلَةُ الأَحرارِ عَلى مَرِّ العُصورِ يومًا بعد يوم يزداد موج العشق الحسيني العظيم علوًّا وحضورًا؛ ليكون الحدث المليوني الإيماني الأكبر على مستوى العالم تاريخيًا وآنيًّا، ويتمثّل هذا الموج بعشّاق الإمام الحسين (عليه السلام) القاصدين زيارته في ذكرى أربعينه، تلك الزيارة التي أصبحت حدثًا استثنائيًا خالدًا خارج السياقات التقليدية للزمان والمكان عبر التاريخ. أحيا أكثر من (20) مليون شخص من أنحاء العالم، ومن بينهم (5) ملايين زائر غير عربي يوم السبت العشرين من شهر صفر الأحزان الموافق لـ: (17/ 9/ 2022م) ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) سبط النبيّ الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) في مدينة كربلاء المقدّسة، والتي تحوّلت إلى مهرجان سنويّ للكرم والسخاء اللامتناهي، يتلقّاه الزائرون مادّيًا ونفسيًا. مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) في سياق متابعتها لهذه الزيارة العظيمة وتغطيتها لها، أجرت عددًا من اللقاءات المباشرة مع الزائرات المتواجدات في موكب السيّدة أمّ البنين (عليها السلام) الخدمي النسوي في جامعة العميد والتابع للعتبة العبّاسية المقدسة، الوافدات من بلدان العالم المختلفة ومن محافظات العراق، ليتحدّثن لنا عن الخدمات المقدّمة، وكيفية الوصول إلى كربلاء المقدّسة، فضلًا عن الحديث عن مشاعرهنَّ لكونهنَّ من ضمن المشاركين في ملحمة المسير السنوي إلى الإمام الحسين (عليه السلام) لزيارته في ذكرى أربعينه المؤلمة. جمهورية العراق جئنا لمواساة السيّدة زينب (عليها السلام) وتقديم واجب العزاء أمّ عليّ/ خادمة الإمام الحسين (عليه السلام)، تبلغ من العمر (65) عامًا، أخبرتنا بأنّها وأسرتها أقاموا موكب العزاء الحسيني من اليوم الخامس والعشرين من شهر محرّم الحرام في البصرة – قضاء (المديّنة) لغاية اليوم السابع من شهر صفر لخدمة زوّار الإمام الحسين (عليه السلام)، ومن ثمّ تمّ التوجّه إلى النجف الأشرف للتشرّف بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن ثمّ التوجّه إلى كربلاء المقدّسة سيرًا على الأقدام، وكان برفقتها (4) من النساء الكبيرات في السنّ، وتضيف: نحن نتّبع وصيّة الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليهما السلام) حينما قال: «أحيوا أمرنا، رحم الله مَن أحيا أمرنا...»(1)، فمجيئنا هو من أجل أن نعزّي سيّدتنا ومولاتنا جبل الصبر زينب (عليها السلام)، ولاحظنا في هذا الموكب الحسيني المبارك الذي تيمّن باسم السيّدة الجليلة أمّ البنين (عليها السلام) وتضحياتها، ليكون اسمها عنوانًا لخدمته، الخدمة الممتازة، والرعاية الكريمة في محطّة الاستراحة المباركة هذه، أمّا عن شعورنا فهو لا يُوصف. كرم العراقيين لا ينضب زائرة أخرى تقول: نحن عائلة مكوّنة من (11) شخصًا، من الرجال، والنساء والأطفال، توجّهنا من البصرة/ قضاء الفاو إلى النجف الأشرف لزيارة الإمام عليّ (عليه السلام)، ومن ثم توجّهنا إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس (عليهما السلام)، ووجدنا الخدمات هنا لا تُوصف، وكرم أهلنا العراقيين لا يجدب ولا ينضب. خمس زيارات سنويًا إلى كربلاء المقدّسة سيرًا على الأقدام أمّ جواد امرأة تبلغ من العمر (52) عامًا من مدينة الكوفة، تقول: في العادة أذهب إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) (5) مرّات في السنة سيرًا على الأقدام في الأوقات الآتية: الأول من شهر محرّم الحرام، ويوم العاشر منه، وفي ذكرى الأربعين الحسيني، وفي الزيارة الشعبانية، ويوم عرفة. عددنا (12) شخصًا، رجالًا ونساءً، وكنّا سابقًا نذهب مرتين إلى كربلاء المقدّسة بالخفاء، أمّا الآن فقد اختلف الأمر ولله الحمد، وعند مسيرنا نشعر أنّ عين الله ترعانا، وأنّ مولاتنا الزهراء البتول وابنتها زينب (عليهما السلام) معنا وأمام أعيننا، ويُفترض بنا تطبيق كلّ ما ضحّت به من أجله، وأمرتنا به أن نسير على نهجها. أسير بمفردي، ولا أتكلّم قطّ طوال المسير أمّ عمّار امرأة كبيرة في السنّ تبلغ من العمر (72) عامًا من مدينة النجف الأشرف، أخبرتنا أنّها منذ ما يقارب (30) عامًا لم تنقطع عن السير على الأقدام إلى كربلاء المقدّسة لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) بمفردها، وأنّها تنتظر أن يذهب جميع مَن تعرفهم إلى الزيارة، ثم تذهب بعدهم. وتقول: إنّي طوال الطريق لا أكلّم أحدًا، وأدعو في سرّي لحفيدتي البالغة من العمر (6) سنوات، وهي من ذوي الهِمم، فلا أتكلّم مع أحد مطلقًا مواساةً لسيّدتي زينب (عليها السلام)، ودعائي للجميع بأن يكونوا بخير وعلى طريق الإيمان. جمهورية إيران الإسلامية تتيسّر المصاعب من حيث لا نشعر جئنا إلى العراق من مدينة (شيراز) وهي مركز محافظة (فارس) في جنوب إيران، جئنا عن طريق منفذ (شلامجة) الحدودي لمحافظة البصرة، وهذه أول زيارة لنا إلى العراق، إذ تشرّفنا بزيارة الإمام عليّ (عليه السلام) في مدينة النجف الأشرف، ومن ثم توجّهنا إلى كربلاء المقدّسة، وبدأنا بالسير مشيًا على الأقدام من العامود رقم (1000)، ثم حللنا ضيوفًا على جامعة العميد حيث موكب السيّدة أمّ البنين (عليها السلام). كان كلّما تواجهنا مصاعب وتعب وعناء، تتيسّر من حيث لا نعلم بمشيئة الله وببركة الإمام الحسين (عليه السلام)، إذ واجهتنا بعض المشكلات في المنطقة الحدودية، من قلّة مياه الشرب، وغيرها، إلّا أنّه قد تيسّر كلّ شيء لنا بعدها، ورأينا الاهتمام والكرم بصورة لا تُعقل ممّا لم نشاهد مثله من قبل، فجزيل الشكر والامتنان للشعب العراقي جميعًا، الذين تشرّفوا بحمل لواء خدمة زائري الإمام الحسين (عليه السلام). جسمي متعب ولكنّي أشعر براحة نفسية زائرة حسينية من مدينة (تبريز)، إحدى أهمّ المدن الإيرانية، وهي مركز محافظة (آذربيجان الشرقية): جئنا بالسيارة إلى مدينة (مهران) الحدودية مع العراق، ثم توجّهنا إلى النجف الأشرف، قمنا بزيارة الإمام عليّ (عليه السلام)، وبقينا فيها يومًا واحدًا، ومن ثم توجّهنا إلى كربلاء المقدّسة سيرًا على الأقدام، لترشدنا اللوحات الدلالية على موكب السيّدة أمّ البنين (عليها السلام) لتستقرّ نفوسنا بظلال بركته، وأجسادنا بكرم ضيافته. وأكملت حديثها قائلةً: الخدمات هنا لا تُوصف... ثم اختنقت بعبرتها متأثّرةً وهي تقول: إنّها زيارتي الأولى إلى كربلاء المقدّسة سيرًا على الأقدام، فجسمي متعب الآن، لكنّ روحي مطمئنّة وهي عند الإمام الحسين (عليه السلام). مهرجان الكرم زائرة أخرى تقول: من (تبريز) جئنا بوسيلة النقل إلى (مهران)، كان عددنا (8) أشخاص، (5) نساء و(3) رجال، ولم نجد صعوبات تُذكر سوى الزحام عند المنطقة الحدودية بسبب طبيعة الزيارة وظروفها قبل عبور الحدود العراقية، ثم حصلنا على وسيلة نقل أقلّتنا إلى النجف الأشرف، فتشرّفنا بزيارة الإمام عليّ (عليه السلام)، والحمد لله تيسّرت الأمور، بعدها بدأنا بالسير مشيًا على الأقدام إلى كربلاء من العامود رقم (700)، الخدمات الغذائية المقدّمة كانت جيدة جدًا ومتكاملة، أشبه بمهرجان شامل للضيافة. ختامًا، نشكر العراقيين المؤمنين، سدنة حرم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) على ضيافتهم وكرمهم، وطيب نفوسهم العلوية الأصيلة، ونأمل أن تكون هناك برامج تثقيفية أكثر على طريق المسير الحسيني وبلغات غير العربية. لا أعرف ماذا أصابني ووافقتُ على السفر فورًا من مدينة (كرج) الإيرانية مركز محافظة (ألبرز): توجّهنا إلى العراق عن طريق منفذ (جذابة) الحدودي، ووصلنا إلى مدينة النجف الأشرف، وتشرّفنا بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن ثمّ حثثنا الخطى إلى العامود رقم (600)، ثم أكملنا المسير إلى كربلاء المقدّسة، إذ جئنا قبل (5) أيام عندما قررت العائلة السفر ليلًا، وهذه أول زيارة لي إلى كربلاء المقدّسة، ولا أعرف حينها ماذا أصابني عندما عرضت عليّ عائلتي المجيء معهم، فوافقتُ على الفور بدون تفكير أو تردّد؛ لأرى بعيني وبصورة ميدانية الأحاديث المشوّقة التي كنتُ أسمعها عن كربلاء المقدّسة ومشرّفها الإمام الحسين (عليه السلام). أسرع قرار للسفر من مدينة (طهران) عاصمة إيران: توجّهنا إلى العراق عن طريق مدينة (مهران) الحدودية، وعانينا من الزحام في المنطقة الحدودية، وبعدها تيسّرت الأمور ولله الحمد، ومن ثم توجّهنا إلى مدينة النجف الأشرف، تارةً سيرًا على الأقدام، وأخرى عبر وسيلة النقل، إلى أن وصلنا وتشرّفنا بزيارة الإمام عليّ (عليه السلام). كان عددنا (10) أشخاص من رجال ونساء وأطفال، وكانت في نيّتنا زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) منذ سنوات عدّة، إلّا أنّنا لم نتوقّع أن تتيسّر الأمور بهذه السرعة، فقد عادت زوجة أخي من كربلاء المقدّسة للتو، وكنّا قد عزمنا على الذهاب صباحًا، فأبلغني زوجي أن أسألها عن رغبتها بالمجيء معنا، وعندما أبلغتها جهّزت نفسها على الفور وجاءت معنا إلى كربلاء المقدّسة متعطّشة للزيارة، وها نحن الآن في موكب السيّدة أمّ البنين (عليها السلام)، حيث ننعم بهذه الرعاية الكريمة والخدمات الممتازة ولله الحمد. لفتت انتباهنا امرأتان كبيرتان في السنّ، فذهبنا مسرعين إليهما لسؤالهما، قدمتا من مدينة (كرمانشاه) أو (كرماشان) الإيرانية، إحداهما بعمر (70) سنة، والأخرى (61) سنة، كان عددهم (13) شخصًا، توجّهوا إلى العراق عن طريق مدينة (مهران) الحدودية، ومن ثم إلى النجف الأشرف والتشرّف بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن ثم إلى كربلاء المقدّسة. وأضافتا: شعورنا لا يُوصف وهو جميل جدًا، والخدمات هنا ممتازة ولله الحمد، وشكرًا لكم أيّها الشرفاء! أيّها الكرماء! فحبّ الحسين(عليه السلام) يجمعنا. المملكة المتّحدة تحقّق الحلم ولله الحمد عائلة عراقية مقيمة في (لندن) من أصول كربلائية: نحن (7) أشخاص من رجال ونساء، حجزنا للسفر إلى العراق منذ أشهر، وفي يوم: (8/9/2022م) كان موعد طائرتنا، فوصولنا ومشاهدة الخدمة وكرم الضيافة كان أشبه بالحلم، لم نرَ مثيلًا له في كلّ بقاع العالم التي قمنا بزيارتها سابقًا طوال السنوات الماضية، فالحمد لله تحقّق حلمنا، وندعو الله تعالى بالعودة لنا ولكم في كلّ عام. الإيثار سمة كلّ العراقيين زائرة من قرية (دير قانون راس العين) من قرى قضاء (صور) في محافظة الجنوب: جئتُ إلى العراق عن طريق مطار النجف الأشرف مع حملة من الزوّار اللبنانيين، توجّهنا لزيارة الإمام عليّ (عليه السلام)، ومررنا بمسجد السهلة المبارك، ثم توجّهنا إلى كربلاء المقدّسة سيرًا على الأقدام، لم نرَ خدمة كهذه سابقًا، فالإيثار سمة كلّ العراقيين والبيوت مفتوحة أمام الجميع، والخدمات ليس لها مثيل، كلّها في طريق عظمة الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذه الزيارة الأولى لي، وأنا منبهرة جدًا بما أراه، وأدعو الله (عزّ وجلّ) أن يجمعنا حبّ الحسين(عليه السلام) في كلّ عام. مملكة البحرين في كلّ خطوة كأس ماء نحن (6) نساء من (المنامة) عاصمة مملكة البحرين من قرية (بوري) وهي إحدى قرى المملكة، توجّهنا برًّا إلى الكويت ثم إلى العراق، قمنا بزيارة الإمامين الكاظمين(عليهما السلام)، والإمامين العسكريّين (عليهما السلام)، ثم توجّهنا إلى النجف للتشرّف بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، بعدها توجّهنا إلى كربلاء المقدّسة سيرًا على الأقدام، الخدمات كانت ممتازة ولا نستطيع وصفها، الكرم الذي رأيناه من العراقيّين ليس له مثيل، فعلى الرغم من درجات الحرارة المرتفعة، إلّا أنّنا لم نشعر بها لأنّ في كلّ خطوة يُقدّم لنا كأس من الماء أو العصير البارد، فعظّم الله أجورنا وأجوركم، ونشكر جهودكم الخدمية العظيمة. إنّ هذه الانطباعات لدى زائري الإمام الحسين (عليه السلام) في ذكرى أربعينه، تلهمنا دروسًا قيمية عظيمة، لابدّ من أن تُستثمر بما يمثّله هذا الملتقى الروحي الاستثنائي من الجموع العالمية الوافدة إلى كربلاء المقدّسة بتكريس ثقافة السلام، والمحبّة، والتواصل، وتعزيز القيم الأخلاقية؛ لبناء مجتمع متماسك ومستعدّ للتعامل مع روح قضية زيارة الأربعين الحسيني، حيث الجميع يحبّ الجميع، والجميع يضحّي من أجل الجميع، والجميع يقدّم خدماته بلا مقابل، بل بما يخدم الواقع الاجتماعي والديني في العراق بشكل خاصّ، والمجتمع الإسلامي بشكل عام. ............................ (1) بحار الأنوار: ج2، ص30، ح13.