زَادُ الآخِرَةِ: صُوَرٌ مِن الخِدمة فِي الطِريقِ إلى الحُسَينِ

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 348

امرأة طاعنة في السنّ قد اتّخذت من المطبخ محطّة لتخدم الزائرين وهي تنوح على مصاب سيّد الشهداء (عليه السلام).. وطبيبة تعمل لساعات متواصلة، طالبة الشفاعة والقبول... وأخرى متّخذة من أحد المواكب ركنًا لتخيط ملابس الزائرات، وهي فرحة بذلك... ومنهنَّ مَن توزّع العصير البارد وهي تنادي: تفضّل يا زائر... وفتاة لا يتجاوز عمرها الـ(15)عامًا، مرابطة في المرافق الصحّية مع زميلاتها، يتسابقنَ على الخدمة... صور لا تُعدّ ولا تحصى للخدّام من الرجال والنساء في زيارة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) المليونية، لا مثيل لها على وجه الأرض، وبحسب الإحصائيات فأنّ هذا العام هو الأعلى عددًا للزائرين منذ عدّة سنوات، ولم تؤثّر زيادة الأعداد في كمّ الخدمات المقدّمة، ولا في جودتها، فقد تفنّن الخدّام في تقديم الخدمة، والكلّ قد زيّن صحيفته بوسام الخدمة الحسينية، آملًا القبول... في جولتها الإعلامية سجّلت مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) عددًا من المواقف التي استوقفتها في مسير الحرّية، من تلك الصور والمواقف: الحاجّة أمّ عامر من كربلاء المقدّسة أعمل لمدّة عشرة أيام متواصلة، وأنا أشعر بالفرح والحزن في آن واحد، فتخنقني العَبرة حينما أعمل، وأردّد: يا مولاتي يا زينب! وأبكي بحرقة، ثمّ أبتسم لبرهة حينما أقدّم الخدمة، وأقوم بإعداد وجبات الطعام، وإدارة شؤون المطبخ مع الفتيات المتفرّغات للخدمة، ويستمرّ العمل طوال اليوم ونحن لا نشعر بتعب أو إرهاق، وعلى الرغم من كبر سنّي فلم يمنعني ذلك من مشاركتي في كلّ عام من تقديم الخدمات التي أقدر عليها. رنا عبد الباري/ مدرّسة اللغة الإنكليزية من بابل للسنة الثالثة أفد إلى محافظة كربلاء المقدّسة؛ لأتطوّع في الموكب لتقديم الخدمة للزائرات الكريمات، إذ أعمل على مدار اليوم لتقديم مختلف أنواع الخدمة، فمرّة أعمل في المطبخ، ومرّة أخرى أعمل مترجمة للغة الإنكليزية، ومرّة ثالثة أعمل في التنظيف، والترتيب، وغيرها من الخدمات المختلفة التي تحتاجها الزائرة الكريمة، وكلّ ما نتمنّاه هو أن نحظى بشرف قبول الخدمة. أم رضا من كربلاء المقدّسة أكمل أعمالي المنزلية ليلًا وأظنّ نفسي لن أقوى على الحركة في الصباح، لكن ما يحدث لي هو العكس، حيث أجد نفسي في منتهى النشاط وأستطيع تقديم جميع أنواع الخدمة للزائرات الكريمات، وكلّ ذلك هو من فيوضات المولى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فأخرج من الدار من الصباح الباكر مستودعة أطفالي أمانةً عند السيّدة الزهراء (عليها السلام)، نسأل الله قبول ذلك القليل. الدكتورة رباب عبد الرسول السعديّ/ ممارسة نسائية من كربلاء المقدّسة للسنة الثانية على التوالي أتطوّع للعمل الخدمي، وهذا من توفيقات الله سبحانه وتعالى، ولأنّي طبيبة، تمرّ عليّ العديد من الحالات الكثيرة، منها الصعبة ومنها البسيطة، فنقدّم الخدمات الطبّية في الطبابة التابعة لمدارس الكفيل الدينية التي استمرّت بالعمل لعشرة أيام متواصلة، إذ قُدّمت فيها خدمات بمستوىً ممتاز، ثم أعود لأكمل الخدمة في الصيدلية في الموكب الذي يعمل فيه زوجي، فأستمرّ بالعمل لساعات متأخرة من الليل. أجد الزيارة الأربعينية ملتقىً لعشّاق الإمام الحسين (عليه السلام)، المجتمعين من كلّ حدب وصوب، فأضافت لنا الكثير من التجارب، وتعرّفنا على العديد من النساء المتميّزات جدًا في مجال عملهم. الدكتورة زهراء الحسينيّ من الكوت من العام (2018م) وأنا أعمل في الطبابة في أيام أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) وأقوم بمجموعة من الأعمال، وها أنا اليوم أعمل في استشارية الطبابة في المضيف الخارجي التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة، وتصادفنا العديد من الحالات المتفاوتة الصعوبة في هذا الموقع، ونستقبل يوميًا ما يقارب (2000) مريضة، ومن الحالات ما هو خطير فنقوم بتحويلها من الحرجة إلى المستقرّة، والحالات البسيطة التي تحتاج إلى رعاية فنقوم بمعالجتها، ونحاول أن نؤدّي واجبنا الإنساني على أكمل وجه خدمةً للمولى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وقد لمسنا تطوّرًا ملحوظًا في موقع الطبابة في هذا العام، فقد هيّأت العتبة العبّاسية المقدّسة جميع الوسائل لتوفير كلّ ما تحتاجه الزائرة في طريق المسير. نسرين شاكر من كربلاء المقدّسة- طويريج من العام (2014م) إلى يومنا هذا أعمل في خدمة زائري المولى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فهذا شرف لنا، فالعمل في الموكب وتقديم الخدمات للزائرين لا يُحتسب من أعمارنا، فأترك المنزل وألتحق بالخدمة لمدّة عشرة أيام، ويلتحق والدي على الرغم من كبر سنّه بدوره بالخدمة التي طالما حثّنا عليها، وغرس بذرة حبّ أهل البيت  في نفوسنا لتنمو وتثمر بعد حين. فاطمة مالك مهديّ، ونور الزهراء كرّار باقر من كربلاء المقدّسة - الحسينية فتيات الخدمة: ننتظر تقديم الخدمة في كلّ عام بفارغ الصبر، إذ نقوم بتنظيف المرافق الصحّية مع صديقاتنا اللاتي نتسابق معهنَّ في الدور، فصدقًا إنّ بعض الخدمات التي نقدّمها في أيام زيارة أربعين الإمام الحسين(عليه السلام) لا نقوم بها في منازلنا، لكنّها من الأمور العجيبة أنّنا نتقبّل القيام بجميع الخدمات بلا استثناء محبّةً ورغبةً، بل نتسابق على ذلك، ونشعر بالراحة والسعادة حينما نقدّم خدمة ما للزائرات، ونسمع دعواتهم لنا بالخير والتوفيق، وهذا لوحده يجدّد فينا النشاط، فنستمرّ لساعات متأخّرة من الليل في تقديم ما نستطيع، ونجد ذلك توفيقًا عظيمًا لنا. السيّدة زهور محمّد سعيد من كربلاء المقدّسة تتنوّع الخدمة الحسينية، فنحن نحضر للخدمة من دون ترغيب، أو غاية ما، إنّما برجاء أن ننال القبول من مولانا سيّد الشهداء(عليه السلام)، واخترتُ أن أخدم في موقع تابع لعضيده أبي الفضل العبّاس (عليه السلام)، وهو توفيق ورفعة شأن لي، ففيوضات صاحب الجود لا تُعدّ ولا تُحصى، فمثلًا حينما أعمل بالخياطة في الأوقات الأخرى فأنّي لا أستطيع الاستمرار بالعمل لأكثر من ساعة أو اثنتين، وها أنا اليوم أجلس لساعات متواصلة ولا أشعر بأيّ تعب أو ملل، بل كلّ ما أقدّمه يكون في غاية اليسر والسهولة، نسأل الله القبول، وأن يرزقنا توفيق الخدمة في كلّ عام. سعاد عبّاس من شيراز إيران للسنة الأولى أشارك في الخدمة في موقع الطبابة التابع لشعبة مدارس الكفيل الدينية بصفتي مترجمة للزائرات الإيرانيات، إذ أحاول أن أقدّم ما يخدم الزائرة بما أتمكّن، علمًا أنّ العتبة العبّاسية المقدّسة قد وفّرت لنا كلّ ما نحتاج من اليوم الأول إلى نهاية موسم الزيارة، ووجدتُ الخدمات التي تقدّم على مستوى عالٍ جدًا، شاكرين للراعين لها. وفاء حبيب عبد الباقر ممرّضة جامعية من طهران إيران منذ (14) عامًا وأنا أقدّم الخدمات الصحّية لزائرات الإمام الحسين (عليه السلام) والخادمات، إضافة إلى عملي بصفتي مترجمة وممرّضة في موقع الطبابة التابع لمدارس الكفيل الدينية في المضيف الخارجي، ومن توفيقات الله تعالى أن منحني قوّةً لا أتمتّع بها في الأيام الأخرى، فأنا أعمل في أيام الزيارة الأربعينية الحسينية من الساعة (4) صباحًا حتى الساعة (12) ليلًا بشكل متواصل، وطلبتُ أن يكون وقت عملي مفتوحًا، ولا أتفرّغ إلّا لوقت الصلاة فقط، وكانت مدّة استراحتي لا تزيد على الساعتين، ثم أنهض من جديد لأقدّم ما بوسعي للزائرات الكريمات، وقد وفّقني الله تعالى لتقديم الخدمات الطبّية لعدد كبير جدًا من النساء والأطفال من مختلف الجنسيات، ممّن كانوا بحالة صحّية صعبة. صور كثيرة ومتنوّعة في طريق العشق الحسيني، لا وصف، ولا ريشة، ولا قلم، ولا صوت، ولا صورة، تستطيع أن تغطّي كلّ ما تجود به الأنفس في زيارة الأربعين الحسيني، صور بسيطة نقلتها المجلة برهانًا على العشق لسيّد الشهداء أرواح العالمين له الفداء ومثلها الملايين من المواقف، لمَن صوتهم وهدفهم وغايتهم واحدة، ألا وهي خدمة الزائر كرامةً وعشقًا بالمزور.