لا تَعبُدِي آلِهَةً مُتَعَدِّدَةً

زينب ناصر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 375

يُطرح بين الحين والآخر سؤال مهمّ، وهو لماذا نعبد آلهة أخرى في بعض الأحيان من دون أن نعلم؟ نستمع لكلامهنّ حتى لو لم نرغب ولم نقتنع كليًّا بذلك، لكنّنا في النهاية نقوم بما أشرنَ عليه، وننصاع لهنّ غافلات عن تعاليم الإله الواحد الأحد، لا أقصد الأصنام، بل الناس المحيطين بنا، كالصديقات، والقريبات، والجارات، والزميلات اللاتي نلتقي بهنّ دومًا. بعضهنَّ تصل إلى مرحلة القمّة من الإذعان والانصياع إلى درجة تؤدّي بها نحو الهاوية في إيهام مفرط، مثلًا لو كانت إحداهنّ على خلاف مع زوجها واستشارت جارةً لها، والأخيرة كانت ترى في الطلاق أفضل حلّ وبأنّه سيخلق معجزة، فتنصاع هذه المسكينة لاستشارة جارتها، فيتشرّد الزوج والأولاد، وتستشعر هي طعم الوحدة المرير من دون أن تتأثر تلك الجارة بشيء من النتائج، إنّها تلك الآلهة الكاذبة التي استطاعت التأثير في روح هذه المسكينة وكيانها. إنّ من أهمّ سمات الشخصية القويّة هي الثقة بالنفس، ومحاولة تحليل النتائج المترتّبة على أيّ عمل يقوم به الفرد، ودراسة الجوانب السلبية والإيجابية بصورة دقيقة، إذ يعيش الإنسان بفضل طبيعته الاجتماعية وسط العديد من الناس المختلفين في عقائدهم، وطباعهم، وطرق معيشتهم، لذا كلّ فرد يحلّل المسائل وينظر إليها من زاويته، وبحسب قناعته وتعوّده في الوسط الذي نشأ فيه، وقد لا تكون كلّ الحلول مناسبة للشخص المستشير، وملائمة لظروفه، لكن هناك حثّ على الاستشارة في الأحاديث والروايات الشريفة مثل قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): «ما حار مَن استخار، ولا ندم مَن استشار»(1)، فنستنتج أنّ المشورة هي الطريقة التحليلية والبحثيّة المثلى التي يستطيع الفرد عن طريقها الوصول إلى أحسن النتائج وأقلّها خسارة، من بعد التقصّي ومعرفة كلّ الجوانب والملابسات المحيطة بالقضيّة، وهذا بالطبع مغاير لأن يكون الإنسان إمّعة ينصاع لكلّ مَن هبَّ ودبَّ، بخاصّة في القضايا المصيرية التي ترتبط بمستقبل الأسرة. وتستطيع المرأة الذكيّة التمييز بسهولة بين الأفراد الذين يستطيعون مساعدتها في قضاياها المهمّة وغيرهم، فتختار الاستشاريّة الحكيمة، والصديقة الواعية، والجارة المؤمنة التي تحسب النتائج بدقّة لتشير بما يرضي الله ورسوله. ومن الأخطاء التي قد يقع فيها الفرد عند الاستشارة هي: 1ـ الثقة المفرطة بشخص غير حكيم بسبب صداقته، أو قرابته، أو مكانته الاجتماعية. 2- استشارة الحاسد الذي لا يريد لنا الخير، وغالبًا ما يحدث ذلك بين زملاء العمل والأتراب. 3ـ استشارة مَن يتعامل معنا تعاملًا عاطفيًّا صِرفًا من دون إعمال العقل، فيظنّ أنّ في رأيه المنفعة، لكنّه يجلب لنا المضرّة. 4ـ استشارة الأفراد السلبيّين الذين لا أثر للغد المشرق في صباحاتهم، فهم في أغلب الأوقات قاتمون مظلمون، يثيرون الشحوب في التفكير. 5ـ استشارة المتفائل بشكل مُفرِط الذي يتصوّر الدنيا مدينة فاضلة، ولا يحسب حسابًا للمؤثّرات والمتغيّرات. لذا لا بدّ من أن يكون مَن نستشيره أهلًا لذلك، ويملك الرؤية الاستشرافية الواعية، والمدركة لطبيعة الأحداث قدر المستطاع، حتّى نضمن الخروج بأفضل النتائج، ونتجنّب أكبر قدر ممكن من الخسائر. ........................ (1) بحار الأنوار: ج72, ص100.