ابنَتِي وَالتَّكلِيفُ

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 252

بنيّتي الحبيبة: بالأمس كنتِ تمرحين وتحلمين بأن تكبري لتكوني امرأة رائعة، وها أنتِ اليوم عند نقطة البداية التي أَردتِها يا شمس حياتي الساطعة، ستطأ روحكِ النقيّة عتبة سنّ التكليف بكلّ أمل وافتخار، وستودّعين مرحلة لتدخلي مرحلة أخرى مليئة بالعطاء والازدهار. بُنيّتي! يا ثمرة حياتي، مبارك لكِ تكليفكِ، ودامت مسدّدة على طريق الهدى خطواتكِ، فقبل الآن لم يُفتح سجّل أعمالكِ، أمّا اليوم فحالكِ كحالي، كلانا نتنافس ونتسابق إلى الخيرات، ونسعى إلى ملء صحائف الأعمال بالحسنات، وبات بإمكانكِ الترقّي والعروج، وبلوغ أوج الكمالات، إنّه سنّ التكليف، وربّما يجدر بي أن أسمّيه سنّ التكريم والتشريف. ولم لا؟ وقد دعاكِ الربّ المنّان قبل أخيكِ بسنوات، وفتح أمامكِ أبواب الارتقاء وقطف الحسنات، وأصبحتِ ترفلين تحت خيمة التكليف بالرحمات، وتتلقّين الفيوضات، فما أكرم المولى الرحيم الذي شَمَلكِ بلطفه، وأفاض عليكِ من نعمه، وسمح لكِ بدخول ساحة ضيافته. لقد ابتدأت اليوم مرحلة تكليفكِ، وها أنتِ تتلقّين دعوة الحضور إلى موائد الكرم الإلهي، والنهل من نمير الألطاف والهبات الربّانية، بدأَتِ بطيّكِ سنوات العمر البهيّة، فأكملتِ تسع سنوات هلالية، وتشرّفتِ بتلقّي الخطاب الإلهي، وكُلِّفتِ بالامتثال لأوامره تعالى واجتناب نواهيه، وتحمّل المسؤولية. وقد بَذَلتُ جهدي في إعدادكِ لهذه المرحلة قبل حلولها، ومهّدتُ السبيل لحسن استقبالها، فعوّدتُكِ منذ الصغر على طاعة الله سبحانه وتعظيم أمره، ودرّبتكِ بالتدريج على إتقان عبادته والخضوع له، واستثمرتُ السنوات الذهبية من عمركِ في غرس حبّه في نفسكِ لتتعلّقي به، وتتعاملي مع كلّ أمرٍ يردكِ من زاوية حبّه وشكره؛ كي يسهل عليكِ الالتزام، ولا تقعي في فخّ التضييع والإهمال، ولتتجنّبي تبعات التقصير في العبادات والأعمال. وها أنا اليوم أحتفل بيوم تكليفكِ أجمل احتفال؛ لأجعله يومًا مميّزًا في حياتكِ، وقد دعوتُ جميع الأهل والأصدقاء، وحرصتُ على جعل فقراته حافلة ببيان تكريم الخالق سبحانه للأبناء، وذكرتُ بعض أحكام الإسلام، وعطّرتُ الكلام بذكر المصطفى وآله الكرام (عليهم صلوات الله وسلامه)، ثم قدّمنا الهدايا لكِ، وأنشدنا معًا الأناشيد الدينية التي تبهج روحكِ؛ لتُحفر ذكرى هذا اليوم في سجّل ذاكرتكِ، ويكون يوم عهدكِ لخالقكِ بحسن التزامكِ بدينكِ، وبداية انطلاقكِ إلى رحاب طاعته، وطيّكِ طريق رضاه بمحض إرادتكِ، فكنتِ بفستانكِ الأبيض كبياض قلبكِ يا فتاتي رائعة متألّقة، وترقرقت دموعي عندما رأيتُ الأكفّ وهي ترتفع لتدعو لكِ بأن تكون مسيرتكِ موفّقة، وبانتظار إمام زمانكِ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) عامرة، حتى تأتي النتائج بإذن الله تعالى مباركة مشرقة.