مَرحَلَةُ مَا قَبلَ المَدرَسَةِ: الرَّوضَةُ حَجَرُ الأَساسِ فِي سُلَّمِ التَّعلِيمِ

عهود فاهم العارضيّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 196

منذ اللحظات الأولى من حياة الطفل وهو يحاول أن يكتشف العالم من حوله، وقد أثبت المتخصّصون بأنّ كلّ طفل يمتلك الرغبة والفضول للمعرفة، على الرغم من الاختلافات الكثيرة بين الأطفال، ويجب أن نعلم أنّ تدخّل الكبار في مراحل العمر الأولى له تأثير كبير جدًا في هذه الرغبة، فقد يفتكون بها ويقتلونها نهائيًا، أو ينمّونها ويطوّرونها من أجل اكتشاف العالم وإدراك البيئة التي يعيش فيها الطفل. والمرحلة الأهمّ من حياة الطفل هي عمر الـ(4-5) سنوات، فيكون فيها حسّاسًا، نرجسيًا من جهة، ويمتلك قدرة بالغة في حفظ الأشياء والإدراك من جهة أخرى، فيكون دماغه في هذه المرحلة متهيّئًا تمامًا للحفظ والفهم والتعلّم. وقد أكّد الاتّحاد العالمي لتربية الطفولة على أهمّية السنوات التي تسبق المدرسة مباشرة، وأعرب عن ذلك بالقول: "يدرك الاتّحاد العالمي لتربية الطفولة أهمّية التربية في الروضة، ويشدّد على البرامج ذات الجودة العالية التي توفّر خبرات مناسبة للأطفال: لغويًا، وثقافيًا، ونمائيًا"(1). والسؤال هو: ما الذي يميّز مرحلة الروضة؟ وهل الأطفال الذين خاضوا تجربة الروضة يتميّزون عن غيرهم ممّن لم تسنح لهم هذه الفرصة؟ في اليوم الدراسي الأول نلاحظ ردود أفعال بعض الأطفال من قبيل البكاء الشديد، أو عدم قبوله البقاء في المدرسة إلّا بوجود أمّه، أو وجود الأخ أو الأخت الأكبر سنًّا إلى جانبه، وإذا تقبّل وجوده في المدرسة فإنّه يبدأ بمواجهة صعوبات في الكتابة والنطق الصحيح للحروف، وبعض الأطفال منطوٍ على نفسه، ويشعر بالخوف، وعندما نبحث عن الأسباب فسنجد هؤلاء الأطفال لم يدخلوا الروضة أو الحضانة من قبلُ، فهم ليسوا مهيّئين للتعامل مع العالم الخارجي، بل محصورين في حدود العائلة والمقرّبين فقط. إنّ مرحلة الروضة تُعدّ مرحلة انتقالية مهمّة في حياة الطفل، ففيها يبدأ التعليم البسيط والتدريجيّ بطرق بسيطة، فالألعاب في الروضة ليست مجرّد ألعاب يقضي الطفل بعض الساعات فيها ويعود إلى منزله، بل تلك الألعاب هي من ضمن برامج تعليمية متطوّرة، فالطفل يتعلّم الحروف والكلمات عن طريق الصور، ويميّز الألوان عن طريق الأشكال كالكرات مثلًا، مثلما يوجد في الروضات المتطوّرة مستشار نفسي متخصّص في التعامل مع الأطفال المصابين بالتوحّد، أو ممّن يعانون من مشاكل نفسية وُجِدت بكثرة في وقتنا الحالي، ومن ثمّ يتعلّم كيف يكوّن علاقات إيجابية مع الآخرين، وكيفية التعامل مع الظروف المحيطة بحسب منظوره وإدراكه. .............. (1) الدكتور إبراهيم عبد الله المومني: مرحلة ما قبل المدرسة وأهمّيتها في اكتساب المهارات اللغوية، بحث منشور، مجمّع اللغة العربية الأردني، عمّان، 2010م.