رياض الزهراء العدد 186 التربية الرقمية
جِيلُ (ألفا) وَدَورُ الآباءِ الأَكثَرُ صُعُوبَةً
يضع الديموغرافيّون والباحثون المتخصّصون أسبابًا لتصنيف الأجيال ورسم الفوارق بينهم، إذ إنّ لكلّ جيل سمات وخصائص نمطية، فرضتها الأوضاع والأحداث المحلّية والعالمية. فمع نهاية الربع الأخير من الألفية الثانية شهد العالم تحوّلات مجتمعية وفق التأثير والتأثّر بالتطوّر التكنولوجي السريع، حيث أحدث نقلة نوعية كبيرة في حياة الإنسان، جعلته يغيّر الكثير من مفاهيمه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وعلى الرغم من عدم وجود عمر دقيق ومعلوم لتحديد الأجيال، لكن وفق المحدّدات التي رسمت نوع التغيير حملت في طيّاتها مجموعة من المزايا والمواصفات التي تميّز الأجيال، وعادةً ما تكون محصورة بين العشر إلى خمس وعشرين سنة، اعتمدت على التقدّم التكنولوجي، والطفرات الرقميّة التي غيّرت خصائص المجتمعات وأساليبها، لما لها من قوّة تغيير على كافة التعاملات، التجارية منها، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها، ومُعتَمدة في المكاتب الإحصائية، ومراكز البحوث، ويُستعمل هذا المصطلح في عدّة مجالات، منها الدراسات السكّانية، وعلم الاجتماع، والتسويق في دول العالم. ويا للأسف لا توجد إحصائيات لقياس السلوكيات والعادات والتغييرات بين الأجيال في عالمنا العربي، لذلك نعتمد على الإحصائيات والآراء العالمية. ونذكر بشكل مختصر ما تشير إليه المصطلحات الآتية: • جيل (X): والرمز يشير إلى المولودين في الأعوام (1965-1979م). • جيل (Y): والرمز يشير إلى المولودين في الأعوام (1980- 1994م). • جيل (Z): والرمز يشير إلى المولودين في الأعوام (1995ـ 2015م). • جيل (ألفا): والرمز يشير إلى المولودين في الأعوام (2016 2025م). وما يميّز جيل (X) بحسب الخبراء، هو التفاعل والاندماج في المجتمع، والالتزام، والتوازن بين العمل والأسرة، والتمتّع بالمرونة في التعامل، والوسطية، إلى جانب اعتمادهم على الوسائل التقنية الحديثة كالتلفاز وغيره. ويأتي جيل (Y)، وهو جيل شهد تغيّرًا تكنولوجيًّا سريعًا في طريقة تواصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مرحلة من حياتهم وهي مرحلة المراهقة، فجعلتهم أكثر قلقًا واكتئابًا من الأجيال السابقة، مثلما أنّ استخدام العالم الرقمي في العمل جعلهم يتمتّعون بالطاقة، والسرعة العالية في إنجاز العمل. فيما نشأ جيل (Z) منذ الطفولة على الحاسوب والإنترنت، ويُعدّون أكثر الأطفال فطنةً ودهاءً مقارنة بالأجيال السابقة، ويتعامل هذا الجيل بشكل سلس ومتقن مع منصّات التواصل الاجتماعي، مثل الـ(فيسبوك)، و(تويتر)، و(ياهو) وغيرها، وأكثرهم يرغب بالسهر لأوقات متأخّرة، ويقضون وقتًا على الأجهزة الإلكترونية أضعاف ما يقضونه في قراءة الكتب والمناهج، ومن الآثار المترتّبة على ذلك التشويش الذهني، وانخفاض درجاتهم العلمية، وعدم شعورهم بالأمن والاستقرار. ويأتي جيل (ألفا) المتوقّع أن يصل عددهم إلى ملياري شخص بحلول عام (2025م) بحسب الدراسات، وهو الجيل الرقمي بكلّ المقاييس، إذ يستهلكون أوقاتًا طويلة مع الأجهزة الذكية، ولديهم قدرات استيعابية كبيرة، لكنّهم من الأجيال الكسولة، لذا يُوصى الأهل بأن تكون تربيتهم متماشية مع الحداثة، وعالمهم الافتراضي الواسع الذي يغوصون فيه بكلّ جوارحهم. وهم أبناء الألفية الثالثة والسوشيل ميديا، وتطبيقات التسلية تزوّدهم بمليارات المعلومات المرئيّة منها، والمقروءة، والمسموعة، وعليه سيكون الجيل الأكثر نرجسيّة، وأنانيّة، وكسلًا في التاريخ. وفي الوقت الحاضر تقع على عاتق الأسرة المسؤولية الأصعب مقارنةً بالأجيال السابقة؛ لكونها المغذّي الرئيس للطفل في بناء شخصيّته وأفكاره، وضبط سلوكياته، مثلما تُعدّ التربية سلاحًا ذا حدّين، فالأهل بين السماح للابن بمواكبة عصره الرقمي، وما يحتاجه من معلومات ليستفيد منها، وأوقات للتسلية لا غنى له عنها، وبين كيفية مراقبته ليتجنّب دخول العوالم الافتراضية الخطيرة والغامضة، والتي تؤثّر سلبًا في تركيبته العاطفية والفكرية.